رميت على القوس وجئت على حال حسنة ويؤيده قراءة أبي بالباء وقرئ حقيق أن لا أقول وقوله تعالى «قد جئتكم ببينة من ربكم» استئناف مقرر لما قبله من ككونه رسولا من رب العالمين وكونه حقيقا بقول الحق ولم يكن هذا القول منه عليه الصلاة والسلام وما بعده من جواب فرعون إثر ما ذكر ههنا بل بعد ما جرى بينهما من المحاورة المحكية بقوله تعالى قال فمن ربكما الآيات وقوله تعالى وما رب العالمين الآيات وقد طوى ههنا ذكره للإيجاز ومن متعلقه إما بجئتكم على أنها لابتداء الغاية مجازا وإما بمحذوف وقع صفة لبينة مفيدة لفخامتها الإضافية المؤكدة لفخامتها الذاتية المستفادة من التنوين التفخيمي وإضافة اسم الرب إلى المخاطبين بعد إضافته فيما قبله إلى العالمين لتأكيد وجواب الإيمان بها «فأرسل معي بني إسرائيل» أي فخلهم حتى يذهبوا معي إلى الأرض المقدسة التي هي وطن آبائهم وكان ق استبعدهم بعد انقراض الأسباط يستعملهم ويكلفهم الأفاعيل الشاقة فأنقذهم الله تعالى بموسى عليه الصلاة والسلام وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى عليهما السلام أربعمائة عام والفاء لترتيب الإرسال أو الأمر به على ما قبله من رسالته عليه السلام ومجيئه بالبينة «قال» استئناف وقع جوابا عن سؤال ينساق إليه الكلام كأنه قيل فماذا قال فرعون له عليه السلام حين قال له ما قال فقيل قال «إن كنت جئت بآية» أي من عند من أرسلك كما تدعيه «فأت بها» أي فأحضرها حتى تثبت بها رسالتك «إن كنت من الصادقين» في دعواك فإن كونك من جملة المعروفين بالصدق يقتضي إظهار الآية لا محالة «فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين» أي ظاهر أمره لا يشك في كونه ثعبانا وهو الحية العظيمة وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على كمال سرعة الانقلاب وثبات وصف الثعبانية فيها كأنها في الأصل كذلك روي أنه لما ألقاها صارت ثعبانا أشعر فاغر فاه بين لحييه ثمانون ذراعا وضع لحيه الأسف على الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجه نحو فرعون فهرب منه وأحدث فانهزم الناس مزدحمين فمات منهم خمسة وعشرون ألفا فصاح فرعون يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذه وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذه فعاد عصا «ونزع يده» أي من جيبه أو من تحت إبطه «فإذا هي بيضاء للناظرين» أي بيضاء بياضا نورانيا خارجا عن العادة يجتمع عليه النظارة تعجبا من أمرها وذلك ما يروى أنه أرى فرعون يده وقال ما هذه فقال يدك ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها فإذا هي بيضاء بياضا نورانيا غلب شعاعه شعاع الشمس وكان عليه السلام آدم شديد الأدمة وقيل بيضاء للناظرين لا أنها كانت بيضاء في جبلتها «قال الملأ
(٢٥٨)