تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
أنهم ما كانوا في زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا كلمة التوحيد قط بل كانت كل أمة من أولئك الأمم يتسامعون بها من بقايا من قبلهم فيكذبونها ثم كانت حالتهم بعد مجىء رسلهم كحالتهم قبل ذلك كأن لم يبعث إليهم أحد وتخصيص التكذيب وعدم الإيمان بما ذكر من الأصول لظهور حال الباقي بدلالة النص فإنهم حين لم يؤمنوا بما أجمعت عليه كافة الرسل فلأن يؤمنوا بما تفرد به بعضهم أولى وعدم جعل هذا التكذيب مقصودا بالذات لما أن ما عليه يدور فلك العذاب والعقاب هو التكذيب الواقع بعد الدعوة حسبما يعرب عنه قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وإنما ذكرها ما وقع قبلها بيانا لعراقتهم في الكفر والتكذيب وعلى كلا التقديرين فالضمائر الثلاثة متوافقة في المرجع وقيل ضمير كذبوا راجع إلى أسلافهم والمعنى فما كان الأبناء ليؤمنوا بما كذب به الآباء ولا يخفى ما فيه من التعسف وقيل المراد ما كانوا ليؤمنوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ورددناهم إلى دار التكليف بما كذبوا من قبل كقوله تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وقيل الباء للسببية وما مصدرية أي بسبب تعودهم تكذيب الحق وتمرنهم عليه قبل بعثة الرسل ولا يرد عليه ههنا ما ورد في سورة يونس من مخالفة الجمهور بجعل ما المصدرية من قبيل الأسماء كما هو رأي الأخفش وابن السراج ليرجع إليه الضمير في به «كذلك» أي مثل ذلك الطبع الشديد المحكم «يطبع الله على قلوب الكافرين» أي من المذكورين وغيرهم فلا يكاد يؤثر فيها الآيات والنذر وفيه تحذير للسامعين وإظهار الاسم الجليل بطريق الالتفات لتربية المهابة وإدخال الروعة «وما وجدنا لأكثرهم» أي أكثر الأمم المذكورين واللام متعلقة بالوجدان كما في قولك ما وجدت له مالا أي ما صدفت له مالا ولا لقيته أو بمحذوف وقع حالا من قوله تعالى «من عهد» لأنه في الأصل صفة للنكرة فلما قدمت عليها انتصبت حالا والأصل ما وجدنا عهدا كائنا لأكثرهم ومن مزيدة للاستغراق أي وما وجدنا لأكثرهم من وفاء عهد فإنهم نقضوا ما عاهدوا الله عليه عند مساس البأساء والضراء قائلين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فتخصيص هذا الشأن بأكثرهم ليس لأن بعضهم كانوا يوفون بعهودهم بل لأن بعضهم كانوا لا يعهدون ولا يوفون وقيل المراد بالعهد ما عهد الله تعالى إليهم من الإيمان والتقوى بنصب الآيات وإنزال الحجج وقيل ما عهدوا عند خطاب ألست بربكم فالمراد بأكثرهم كلهم وقيل الضمير للبأس والجملة اعتراض فإن أكثرهم لا يوفون بالعهود بأي معنى كان «وإن وجدنا أكثرهم» أي أكثر الأمم أي علمناهم كما في قولك وجدت زيدا ذا حفاظ وقيل الأول أيضا كذلك وإن مخففة من إن وضمير الشأن محذوف أي إن الشأن وجدناهم «لفاسقين» خارجين عن الطاعة ناقضين للعهود وعند الكوفينن أن إن نافية واللام بمعنى إلا أي ما وجدناهم إلا فاسقين «ثم بعثنا من بعدهم موسى» أي أرسلناه من بعد انقضاء
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302