من قوم فرعون» أي الأشراف منهم وهم أصحاب مشورته «إن هذا لساحر عليم» أي مبالغ في علم السحر ماهر فيه قالوه تصديقا لفرعون وتقريرا لكلامه فإن هذا القول بعينه معزى في سورة الشعراء إليه «يريد أن يخرجكم من أرضكم» أي من أرض مصر «فماذا تأمرون» بفتح النون وما في ماذا في محل النصب على أنه مفعول ثان لتأمرون بحذف الجار والأول محذوف والتقدير بأي شيء تأمرونني وهذا من كلام فرعون كما في قوله تعالى ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب أي فإذا كان كذلك فماذا تشيرون علي في أمره وقيل قاله الملأ من قبله بطريق التبليغ إلى العامة فقوله تعالى «قالوا أرجه وأخاه» على الأول وهو الأظهر حكاية لكلام الملأ الذين شاورهم فرعون وعلى الثاني لكلام العامة الذي خاطبهم الملأ ويأباه أن الخطاب لفرعون وأن المشاورة ليست من وظائفهم أي أخره وأخاه وعدم التعرض لذكره لظهور كونه معه حسبما ينادي به الآيات الأخر والمعنى أخر أمرهما وأصدرهما عنك حتى ترى رأيك فيهما وتدبر شأنهما وقرئ أرجته وأرجه من أرجأه وأرجاه «وأرسل في المدائن حاشرين» قيل هي مدائن صعيد مصر وكان رؤساء السحرة ومهرتهم بأقصى مدائن الصعيد وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا سبعين ساحرا أخذوا السحر من رجلين مجوسيين من أهل نينوى مدينة يونس عليه السلام بالموصل ورد ذلك بأن المجوسية ظهرت بزرادشت وهو إنما جاء بعد موسى عليه الصلاة والسلام «يأتوك بكل ساحر عليم» أي ماهر في السحر وقرئ بكل سحار عليم والجملة جواب الأمر «وجاء السحرة فرعون» بعدما أرسل إليهم الحاشرين وإنما لم يصرح بهم حسبما فو قوله تعالى فأرسل فرعون في المدائن حاشرين للإيذان بمسارعة فرعون إلى الإرسال ومبادرة الحاشرين والسحرة إلى الامتثال «قالوا» استئناف منوط بسؤال نشأ من حكاية مجىء السحرة كأنه قيل فماذا قالوا له عند مجيئهم إياه فقيل قالوا مدلين بما عندهم واثقين بغلبتهم «إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين» بطريق الإخبار بثبوت الأجر وإيجابه كأنهم قالوا لا بد لنا من أجر عظيم حينئذ أو بطريق الاستفهام التقريري بحذف الهمزة وقرئ بإثباتها وقولهم إن كنا لمجرد تعيين مناط ثبوت الأجر لا لترددهم في الغلبة وتوسيط الضمير وتحلية الخبر باللام للقصر أي إن كنا نحن الغالبين لا موسى «قال نعم» وقوله تعالى «وإنكم لمن المقربين» عطف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب
(٢٥٩)