تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٥٣
أهلها «بالبأساء» بالبؤس والفقر «والضراء» بالضر والمرض لكن لا على معنى أن ابتداء الإرسال مقارن للأخذ المذكور بل على أنه مستتبع له غير منفك عنه بالآخرة لاستكبارهم عن اتباع نبيهم وتعززهم عليه حسبما فعلت الأمم المذكورة «لعلهم يتضرعون» كي يتضرعوا ويتذللوا ويحطوا أردية الكبر والعزة عن أكتافهم كقوله تعالى لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون «ثم بدلنا» عطف على أخذنا داخل في حكمه «مكان السيئة» التي اصابتهم للغاية المذكورة «الحسنة» أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة والرخاء والسعة كقوله تعالى وبلوناهم بالحسنات والسيئات «حتى عفوا» أي كثروا عددا وعددا من عفا النبات إذا كثر وتكاثر وأبطرتهم النعمة «قالوا» غير واقفين على أن ما أصابهم من الأمرين ابتلاء من الله سبحانه «قد مس آباءنا الضراء والسراء» كما مسنا ذلك وما هو إلا من عادة الدهر يعاقب في الناس بين الضراء والسراء من غير أن يكون هناك داعية تؤدي إليهما أو تبعة تترتب عليهما ولعل تأخير السراء للإشعار بأنها تعقب الضراء فلا ضير فيها «فأخذناهم» إثر ذلك «بغتة» فجاءة أشد الأخذ وأفظعه «وهم لا يشعرون» بذلك ولا يخطرون ببالهم شيئا من المكاره كقوله تعالى حتى إذا فرحوا بما أوتوا الآية وليس المراد بالأخذ بغتة إهلاكهم طرفة عين كإهلاك عاد وقوم لوط بل ما يعمه وما يمضي بين الأخذ وإتمام الإهلاك أيام كدأب ثمود «ولو أن أهل القرى» أي القرى المهلكة المدلول عليها بقوله تعالى قرية وقيل هي مكة وما حولها من القرى وقيل جنس القرى المنتظمة لما ذكر ههنا انتظاما أوليا «آمنوا» بما أوحي إلى أنبيائهم معتبرين بما جرى عليهم من الابتلاء بالضراء والسراء «واتقوا» أي الكفر والمعاصي أو اتقوا ما أنذروا به على ألسنة الأنبياء ولم يصروا على ما فعلوا من القبائح ولم يحملوا ابتلاء الله تعالى على عادات الدهر وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وحدوا الله واتقوا الشرك «لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض» لوسعنا عليهم الخير ويسرناه لهم من كل جانب مكان ما أصابهم من فنون العقوبات التي بعضها من السماء وبعضها من الأرض وقيل المراد المطر والنبات وقرئ لفتحنا بالتشديد للتكثير «ولكن كذبوا» أي ولكن لم يؤمنوا ولم يتقوا وقد اكتفى بذكر الأول لاستلزامه للثاني «فأخذناهم بما كانوا يكسبون» من أنواع الكفر والمعاصي التي من جملتها قولهم قد مس آباءنا الخ وهذا الأخذ عبارة عما في قوله تعالى فأخذناهم بغتة لا عن الجدب والقحط كما قيل فإنهما قد زالا بتبديل الحسنة مكان السيئة «أفأمن أهل القرى» أي أهل القرى المذكورة
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302