تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٨٦
«فلما نسوا ما ذكروا به» أي تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسي للشيء وأعرضوا عنه إعراضا كليا بحيث لم يخطر ببالهم شيء من تلك المواعظ أصلا «أنجينا الذين ينهون عن السوء» وهم الفريقان المذكوران وإخراج إنجائهم مخرج الحواب الذي حقه الترتب على الشرط وهو نسيان المعتدين المستتبع لإهلاكهم لما أن ما في حيز الشرط شيئان النسيان والتذكير كأنه قيل فلما ذكر المذكرون ولم يتذكر المعتدون أنجينا الأولين وأخذنا الآخرين وأما تصدير الجواب بإنجائهم فلما مر مرارا من المسارعة إلى بيان نجاتهم من أول الأمر مع ما في المؤخر من نوع طول «وأخذنا الذين ظلموا» بالاعتداء ومخالفة الأمر «بعذاب بئيس» أي شديد وزنا ومعنى من بؤس يبؤس بأسا إذا اشتد وقرئ بيئس على وزن فيعل بفتح العين وكسرها وبئس كحذر على تخفيف العين ونقل حركتها إلى الفاء ككبد في كبد وبيس بقلب الهمزة ياء كذيب في ذئب وبيس كريس بقلب همزة بئيس ياء وإدغام الياء فيها وبيس على تخفيف بيس كهين في هين وتنكير العذاب للتفخيم والتهويل «بما كانوا يفسقون» متعلق بأخذنا كالباء الأولى ولا ضير فيه لاختلافهما معنى أي أخذناهم بما ذكر من العذاب بسبب تماديهم في الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة وهو الظلم والعدوان أيضا وإجراء الحكم على الموصول وإن اشعر بعلية ما في حيز الصلة له لكنه صرح بالتعليل المذكور إيذانا بأن العلة هو الاستمرار على الظلم والعدوان مع اعتبار كون ذلك خروجا عن طاعة الله عز وجل لا نفس الظلم والعدوان وإلا لما أخروا عن ابتداء المباشرة ساعة ولعله تعالى قد عذبهم بعذاب شديد دون الاستئصال فلم يقلعوا عما كانوا عليه بل ازدادوا في الغي فمسخهم بعد ذلك لقوله تعالى «فلما عتوا عن ما نهوا عنه» اي تمردوا وتكبروا وأبوا أن يتركوا ما نهوا عنه «قلنا لهم كونوا قردة خاسئين» صاغرين أذلاء بعداء عن الناس والمراد بالأمر هو الأمر التكويني لا القولي وترتيب المسخ على العتو عن الانتهاء عما نهوا عنه للإيذان بأنه ليس لخصوصيات الحوت بل العمدة في ذلك هو مخالفة الأمر والاستعصاء عليه تعالى وقيل المراد بالعذاب البئيس هو المسخ والجملة الثانية تقرير للأولى روي أن اليهود أمروا باليوم الذي أمرنا به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت وهو المعنى بقوله تعالى إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه فابتلوا به وحرم عليهم الصيد فيه وأمروا بتعظيمه فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت كأنها المخاض لا يرى وجه الماء لكثرتها ولا تأتيهم في سائر الأيام فكانوا على ذلك برهة من الدهر ثم جاءهم إبليس فقال لهم إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت فاتخذوا حياض سهلة الورود صعبة الصدور ففعلوا فجعلوا يسوقون الحيتان إليها يوم السبت فلا تقدر على الخروج منها ويأخذونها يوم الأحد وأخذ رجل منهم حوتا وربط في ذنبه خيطا إلى
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302