تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٧٧
قبل ذلك كما قيل قال السدي أمره الله تعالى بأن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه تعالى من عبادة العجل ووعدهم موعدا فاختار عليه السلام من قومه سبعين رجلا وقال محمد بن إسحق اختارهم ليتوبوا إليه تعالى مما صنعوه ويسألوه التوبة على من تركوهم وراءهم من قومهم قالوا اختار عليه الصلاة والسلام من كل سبط ستة فزاد اثنان فقال ليتخلف منكم رجلان فتشاحوا فقال عليه الصلاة والسلام إن لمن قعد مثل أجر من خرج فقعد كالب ويوشع وذهب مع الباقين وأمرهم أن يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم فخرج بهم إلى طور سيناء فلما دنوا من الجبل غشيه غمام فدخل موسى بهم الغمام وخروا سجدا فسمعوه تعالى يكلم موسى يأمره وينهاه حسبما يشاء وهو الأمر بقتل أنفسهم توبة «فلما أخذتهم الرجفة» مما اجترءوا عليه من طلب الرؤية فإنه يروي أنه لما انكشف الغمام أقبلوا إلى موسى عليه السلام وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الرجفة أي الصاعقة أو رجفة الجبل فصعقوا منها أي ماتوا ولعلهم أرادوا بقولهم لن نؤمن لك لن نصدقك في أن الآمر بما سمعنا من الأمر بقتل أنفسهم هو الله تعالى حتى نراه حيث قاسوا رؤيته تعالى على سماع كلامه قياسا فاسدا فحين شاهد موسى تلك الحالة الهائلة «قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل» أي حين فرطوا في النهي عن عبادة العجل وما فارقوا عبدته حين شاهدوا إصرارهم عليها «وإياي» أيضا حين طلبت منك الرؤية أي لو شئت إهلاكنا بذنوبنا لأهلكتنا حينئذ أراد به عليه السلام تذكير العفو السابق لاستجلاب العفو اللاحق فإن الاعتراف بالذنب والشكر على النعمة مما يربط العتيد ويستجلب المزيد يعني إنا كنا مستحقين للإهلاك ولم يكن من موانعه إلا عدم مشيئتك إياه فحيث لطفت بنا وعفوت عنا تلك الجرائم فلا غرو في أن تعفو عنا هذه الجريمة أيضا وحمل الكلام على التمني يأباه قوله تعالى «أتهلكنا بما فعل السفهاء منا» أي الذين لا يعلمون تفاصيل شئونك ولا يتثبتون في المداحض والهمزة إما لإنكار وقوع الإهلاك ثقة بلطف الله عز وجل كما قاله ابن الأنباري أو للاستعطاف كما قاله المبرد أي لا تهلكنا «إن هي إلا فتنتك» استئناف مقرر لما قبله واعتذار عما صنعوا ببيان منشأ غلطهم أي ما الفتنة التي وقع فيها السفهاء وقالوا بسببها ما قالوا من العظيمة إلا فتنتك أي محنتك وابتلاؤك حيث أسمعتهم كلامك فاتتنوا بذلك ولم يتثبتوا فطمعوا فيما فوق ذلك تابعين للقياس الفاسد وقوله تعالى «تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء» إما استئناف مبين لحكم الفتنة أو حال من فتنتك أي حال كونها مضلا بها الخ أي تضل بسببها من تشاء إضلاله فلا يهتدي إلى التثبت وتهدي من تشاء هدايته إلى الحق فلا يتزلزل في أمثالها فيقوى بها إيمانه «أنت ولينا» أي القائم بأمورنا الدنيوية والأخروية وناصرنا وحافظنا لا غيرك «فاغفر لنا» ما قارفناه من المعاصي والفاء لترتيب الدعاء على مكا قبله من الولاية كأنه قيل فمن شاء الولي المغفرة والرحمة وقيل إن إقدامه عليه الصلاة والسلام على أن يقول إن هي إلا فتنتك الخ جراءة عظيمة فطلب من الله تعالى غفرانها والتجاوز عنها «وارحمنا» بإفاضة آثار الحمة الدنيوية والأخروية علينا «وأنت خير الغافرين» اعتراض تذييلي مقرر لما قبله من الدعاء وتخصيص المغفرة بالذكر لأنها الأهم بحسب المقام
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302