«قال» استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية اعتذار هارون عليه السلام كأنه قيل فماذا قال موسى عند ذلك فقيل قال «رب اغفر لي» أي ما فعلت بأخي من غير ذنب مقرر من قبله «ولأخي» إن فرط منه تقصير ما في كفهم عما فعلوه من العظيمة استغفر عليه السلام لنفسه ليرضي أخاه ويظهر للشامتين رضاه لئلا تتم شماتتهم به ولأخيه للإيذان بأنه محتاج إلى الاستغفار حيث كان يجب عليه أن يقاتلهم «وأدخلنا في رحمتك» بمزيد الإنعام بعد غفران ما سلف منا «وأنت أرحم الراحمين» فلا غرو في انتظامنا في سلك رحمتك الواسعة في الدنيا والآخرة والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله «إن الذين اتخذوا العجل» أي تموا على اتخاذه واستمروا على عبادته كالسامري وأشياعه من الذين أشربوه في قلوبهم كما يفصح عنه كون الموصول الثاني عبارة عن التائبين فإن ذلك صريح في أن الموصول الأول عبارة عن المصرين «سينالهم» أي في الآخرة «غضب» أي عظيم لا يقادر قدره مستتبع لفنون العقوبات لما أن جريمتهم أعظم الجرائم وأقبح الجرائر وقوله تعالى «من ربهم» اي مالكهم متعلق بينا لهم أو بمحذوف هو نعت لغضب مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية أي كائن من ربهم «وذلة في الحياة الدنيا» هي ذلة الاغتراب التي تضرب بها الأمثال والمسكنة المتنظمة لهم ولأولادهم جميعا والذلة التي اختص بها السامري من الانفراد عن الناس والابتلاء بلا مساس يروى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك وإذا مس أحدهم أحد غيرهم حما جميعا في الوقت وإيراد ما نالهم في حيز السين مع مضيه بطريق تغليب حال الأخلاف على حال الأسلاف وقيل المراد بهم التائبون وبالغضب ما أمروا به من قتل أنفسهم واعتذر عن السين بان ذلك حكاية عما أخبر الله تعالى به موسى عليه السلام حين اخبره بافتتان قومه واتخاذهم العجل بأنه سينالهم غضب من ربهم وذلة فيكون سابقا على الغضب وأنت خبير بأن سباق النظم الكريم وسياقه بيان عن ذلك نبوا ظاهرا كيف لا وقوله تعالى «وكذلك نجزي المفترين» ينادي على خلافه فإنهم شهداء تائبون فكيف يمكن وصفهم بعج ذلك بالافتراء وأيضا ليس يجزي الله تعالى كل المفترين بهذا الجزاء الذي ظاهره قهر وباطنه لطف ورحمة وقيل المراد بهم أبناؤهم المعاصرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تعيير الأبناء بأفاعيل الآباء مشهور معروف منه قوله تعالى وإذ قتلتم نفسا الآية وقوله تعالى وإذ قلتم يا موسى الآية والمراد بالغضب الغضب الأخروي وبالذلة ما أصابهم من القتل والإجلاء وضرب الجزية عليهم وقيل المراد بالموصول المتخذون حقيقة وبالضمير في ينالهم أخلافهم ولا ريب في أن توسيط حال هؤلاء في تضاعيف بيان حال المتخذين من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه «والذين عملوا السيئات» أي سيئة كانت
(٢٧٥)