أو بذرياتهم على اختلاف الروايتين إلى أريحا ويوشع بن نون في مقدمته ففتحها واستقر بنو إسرائيل بالشام وملكوا مشارقها ومغاربها كأنه قيل كيف يرون دارهم وهم فيها فقيل سأهلكهم وإنما عدل إلى الصرف ليزدادوا ثقة بالآيات واطمئنانا بها وقوله تعالى «بغير الحق» إما صلة للتكبر أي يتكبرون بما ليس بحق وهو دينهم الباطل وظلمهم المفرط أو متعلق بمحذوف هو حال من فاعله أي يتكبرون ملتبسين بغير الحق وقوله تعالى «وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها» عطف على يتكبرون داخل معه في حكم الصلة والمراد بالآية إما منزلة فالمراد برؤيتها مشاهدتها بسماعها أو ما يعمها وغيرها من المعجزات فالمراد برؤيتها مطلق المشاهدة المنتظمة للسماع والإبصار أي وإن يشاهدوا كل آية من الآيات لا يؤمنوا بها على عموم النفي لا على نفي العموم أي كفروا بكل واحدة منها لعدم اجتلائهم إياها كما هي وهذا كما ترى يؤيد كون الصرف بمعنى الطبع وقوله تعالى «وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا» عطف على ما قبله داخل في حكمه أي لا يتوجهون إلى الحق ولا يسلكون سبيله أصلا لاستيلاء الشيطنة عليهم ومطبوعتهم على الانحراف والزيغ وقرئ بفتحتين وقرئ الرشاد وثلاثتها لغات كالسقم والسقم والسقام «وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا» أي يختارونه لأنفسهم مسلكا مستمرا لا يكادون يعدلون عنه لموافقته لأهوائهم الباطلة وإفضائه بهم إلى شهواتهم «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من تكبرهم وعدم إيمانهم بشي من الآيات وإعراضهم عن سبيل الرشد وإقبالهم التام إلى سبيل الغي وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «بأنهم» أي حاصل بسبب أنهم «كذبوا بآياتنا» الدالة على بطلان ما اتصفوا به من القبائح وعلى حقية أضدادها «وكانوا عنها غافلين» لا يتفكرون فيها وإلا لما فعلوا ما فعلوا من الأباطيل ويجوز ان يكون إشارة إلى ما ذكر من الصرف ولا يمنعه الإشعار بعلية ما في حيز الصلة كيف لا وقد مر أن ذلك في قوله تعالى ذلك بما عصوا الآية يجوز أن يكون إشارة إلى ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب العظيم مع كون ذلك معللا بالكفر بآيات الله صريحا وقيل محل اسم الإشارة النصب على المصدر أي سأصرفهم ذلك الصرف بسبب تكذيبهم بآياتنا وغفلتهم عنها «والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة» أي وبلقائهم الدار الآخرة أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء ومحل الموصول الرفع على الابتداء وقوله تعالى «حبطت أعمالهم» خبره أي ظهر بطلان أعمالهم التي كانوا عملوها من صلة الأرحام وإغاثة الملهوفين ونحو ذلك أو حبطت أعمالهم بعد ما كانت مرجوة النفع على تقدير إيمانهم بها «هل يجزون» أي لا يجزون «إلا ما كانوا يعملون» أي الإجزاء ما كانوا يعملونه من الكفر والمعاصي «واتخذ قوم موسى من بعده» أي من بعد ذهابه إلى الطور «من حليهم» متعلق باتخذ كالجار الأول لاختلاف معنييهما فإن الأول للابتداء
(٢٧٢)