النفس كتعيين القصاص في العمد والخطأ من غير شرع الدية وقطع الأعضاء الخاطئة وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب وإحراق الغنائم وتحريم السبت وعن عطاء أنه كانت بنو إسرائيل إذا قاموا يصلون لبسوا المسموح وغلوا أيديهم إلى أعناقهم وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها إلى السارية يحبس نفسه على العبادة وقرئ آصارهم أصل الأصر الثقل الذي يأصر صاحبه من الحراك «فالذين آمنوا به» تعليم لكيفية اتباعه عليه الصلاة والسلام وبيان لعلو رتبة متبعيه واغتنامهم مغانم الرحمة الواسعة في الدارين إثر بيان نعوته الجليلة والإشارة إلى إرشاده عليه الصلاة والسلام إياهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحلال الطيبات وتحريم الخبائث أي فالذين آمنوا بنبوته وأطاعوه في أوامره ونواهيه «وعزروه» أي عظموه ووقروه وأعانوه بمنع أعدائه عنه وقرئ بالتخفيف وأصله المنع ومنه التعزير «ونصروه» على أعدائه في الدين «واتبعوا النور الذي أنزل معه» أي مع نوبته وهو القرآن عبر عنه بالنور المنبىء عن كونه ظاهرا بنفسه ومظهرا لغيره أو مظهرا للحقائق كاشفا عنها لمناسبة الاتباع ويجوز أن يكون معه متعلقا باتبعوا أي واتبعوا القرآن المنزل مع اتباعه صلى الله عليه وسلم بالعمل بسنته وبما أمر به ونهى عنه أو اتبعوا القرآن مصاحبين له في اتباعه «أولئك» إشارة إلى المذكورين من حيث اتصافهم بما فصل من الصفات الفاضلة للإشعار بعليتها للحكم وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم في الفضل والشرف أي أولئك المنعوتون بتلك النعوت الجليلة «هم المفلحون» أي هم الفائزون بالمطلوب الناجون عن الكروب لا غيرهم من الأمم فيدخل فيهم قوم موسى عليه الصلاة والسلام دخولا أوليا حيث لم ينجو عما في توبتهم من المشقة الهائلة وبه يتحقق التحقيق ويتأتى التوفيق والتطبيق بين دعائه عليه الصلاة والسلام وبين الجواب لا بمجرد ما قيل من أنه دعا لنفسه ولبني إسرائيل أجيب بما هو منطو على توبيخ بني إسرائيل على استجازتهم الرؤية على الله عز وجل وعلى كفرهم بآياته العظام التي أجرها على يد موسى عليه الصلاة والسلام وعرض بذلك في قوله تعالى والذين هم بآياتنا يؤمنون وأريد أن يكون استماع أوصاف أعقابهم الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به كعبد الله بن سلام وغيره من أهل الكتابين لطفا بهم وترغيبا في إخلاص الإيمان والعمل الصالح «قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم» لما حكي في الكتابين من نعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف من يتبعه من أهلهما ونيلهم لسعادة الدارين أمر عليه الصلاة والسلام ببيان أن تلك السعادة غير مختصة بهم بل شاملة لكل من يتبعه كائنا من كان ببيان عموم رسالته للثقلين مع اختصاص رسالة سائر الرسل عليهم السلام بأقوامهم وإرسال موسى عليه السلام إلى فرعون وملته بالآيات التسع إنما كان لأمرهم بعبادة رب العالمين عز سلطانه
(٢٨٠)