تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٧١
أحسن من المباح وقيل المعنى يأخذوا بها وأحسن صلة قال قطرب أي بحسنها وكلها حسن كقوله تعالى ولذكر الله أكبر وقيل هو أن تحمل الكلمة المحتملة لمعنيين أو لمعان على أشبه محتملاتها بالحق وأقربها إلى الصواب «سأريكم دار الفاسقين» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى قومه عليه الصلاة والسلام بطريق الالتفات حملا لهم على الجد في الامتثال بما أمروا به إما على نهج الوعيد والترهيب على أن المراد بدار الفاسقين أرض مصر وديار عاد وثمود واضرابهم فإن رؤيتها وهي الخالية عن أهلها خاوية على عروشها موجبة للاعتبار والانزجار عن مثل أعمال أهلها كيلا يحل بهم ما حل بأولئك وإما على نهج الوعد والترغيب على أن المراد بدار الفاسقين إما أرض مصر خاصة أو مع أرض الجبابرة والعمالقة بالشام فإنها أيضا مما أتيح لبني إسرائيل وكتب لهم حسبما ينطق به قوله عز وجل يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ومعنى الإراءة الإدخال بطريق الإيراث ويؤيده قراءة من قرأ سأورثكم بالثاء المثلثة كما في قوله تعالى وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها وقرئ سأوريكم ولعله من أوريت الزند أي سأبينها لكم وقوله تعالى «سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض» استئناف مسوق لتحذيرهم عن التكبر الموجب لعدم التفكر في الآيات التي هي ما كتب في ألواح التوراة من المواعظ والأحكام أو ما يعمها وغيرها من الآيات التكوينية التي من جملتها ما وعد إراءته من دار الفاسقين ومعنى صرفهم عنها الطبع على قلوبهم بحيث لا يكادون يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها لاصرارهم على ما هم عليه من التكبر والتجبر كقوله تعالى فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح لإظهار الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر مع أن في المؤخر نوع كول يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الجليل أي سأطبع على قلوب الذين يعدون أنفسهم كبراء ويرون لهم على الخلق مزية وفضلا فلا ينتفعون بآياتي التنزيلية والتكوينية ولا يغتنمون مغانم آثارها فلا تسلكوا مسلكهم لتكونوا أمثالهم وقيل المعني سأصرفهم عن إبطالها وإن اجتهدوا كما اجتهد فرعون في إبطال ما رآه من الآيات فأبى الله تعالى إلا إحقاق الحق وإزهاق الباطل وعلى هذا فالأنسب أن يراد بدار الفاسقين ارض الجبابرة والعمالقة والمشهورين بالفسق والتكبر في الأرض وبإراءتها للمخاطبين إدخالهم الشام وإسكانهم في مساكنهم ومنازلهم حسبما نطق به قوله تعالى يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ويكون قوله تعالى سأصرف عن آياتي الخ جوابا عن سؤال مقدر ناشيء من الوعد بإدخال الشام على أن المراد بالآيات ما تلي آنفا ونظائره وبصرفهم عنها إزالتهم عن مقام معارضتها وممانعتها لوقوع أخبارها وظهور أحكامها وآثارها بإهلاكهم على يد موسى عليه الصلاة والسلام حين سار بعد التيه بمن بقي من بني إسرائيل
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302