لينذر بالياء على أن الضمير للكتاب «ومن حولها» من أهل المدر والوبر في المشارق والمغارب «والذين يؤمنون بالآخرة» وبما فيها من أفانين العذاب «يؤمنون به» أي بالكتاب لأنهم يخافون العاقبة ولا يزال الخوف يحملهم على النظرة والتأمل حتى يؤمنوا به «وهم على صلاتهم يحافظون» تخصيص محافظتهم على الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات التي لا بد للمؤمنين من أدائها للإيذان بإنافتها من بين سائر الطاعات وكونها أشرف العبادات بعد الإيمان «ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا» فزعم أنه تعالى بعثه نبيا كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي أو اختلق عليه أحكاما من الحل والحرمة كعمرو بن لحى ومتابعيه أي هو أظلم من كل ظالم وإن كان سبك التركيب على نفي الأظلم منه وإنكاره من غير تعرض لنفي المساوى وإنكاره فإن الاستعمال الفاشي في قولك من أفضل من زيد أو لا أكرم منه على أنه أفضل من كل فاضل وأكرم من كل كريم وقد مر تمام الكلام فيه «أو قال أوحي إلي» من جهته تعالى «ولم يوح إليه» أي والحال أنه لم يوح إليه «شيء» أصلا كعبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فلما نزلت ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين فلما بلغ ثم أنشأناه خلقا آخر قال عبد الله تبارك الله أحسن الخالقين تعجبا من تفصيل خلق الإنسان ثم قال صلى الله عليه وسلم اكتبها كذلك فشك عبد الله وقال لئن كان محمد صادقا فقد أوحي إلي كما أوحي إليه ولئن كان كاذبا فقد قلت كما قال «ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله» كالذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا «ولو ترى إذ الظالمون» حذف مفعول ترى لدلالة الظرف عليه أي ولو ترى الظالمين إذ هم «في غمرات الموت» أي شدائده من غمره إذا غشيه «والملائكة باسطوا أيديهم» بقبض أرواحهم كالمتقاضي الملظ الملح يبسط يده إلى من عليه الحق ويعنف عليه في المطالبة من غير إمهال وتنفيس أو باسطوها بالعذاب قائلين «أخرجوا أنفسكم» أي أخرجوا أرواحكم إلينا من أجسادكم وخلصوا أنفسكم من العذاب «اليوم» أي وقت الإماتة أو الوقت الممتد بعده إلى ما لا نهاية له «تجزون عذاب الهون» اي العذاب المتضمن لشدة وإهانة فإضافته إلى الهون وهو الهوان لعراقته فيه «بما كنتم تقولون على الله غير الحق» كاتخاذ الولد له ونسبة الشريك إليه وادعاء النبوة والوحي كاذبا «وكنتم عن آياته تستكبرون» فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون بها «ولقد جئتمونا» للحساب «فرادى»
(١٦٣)