معطوف عليه والعائد إلى الموصول محذوف أي كثيرا منهم وقيل كلام مبتدأ لا محل له من الإعراب والمراد بالكثير نعوت النبي عليه الصلاة والسلام وسائر ما كتموه من أحكام التوراة وقرئ الأفعال الثلاثة بالياء حملا على قالوا وما قدروا وقوله تعالى «وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم» قيل هو حال من فاعل تجعلونه بإضمار أو بدونه على اختلاف الرأيين قلت فينبغي أن يجعل ما عبارة عما أخذوه من الكتاب من العلوم والشرائع ليكون التقييد بالحال مفيدا لتأكيد التوبيخ وتشديد التشنيع فإن ما فعلوه بالكتاب من التفريق والتقطيع لما ذكر من الإبداء والإخفاء شناعة عظيمة في نفسها ومع ملاحظة كونه مأخذا لعلومهم ومعارفهم أشنع وأعظم لا عما تلقوه من جهة النبي صلى الله عليه وسلم زيادة على ما في التوراة وبيانا لما التبس عليهم وعلى آبائهم من مشكلاتها حسبما ينطق به قوله تعالى إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون كما قالوا لأن تلقيهم لذلك من القرآن الكريم ليس مما يزجرهم عما صنعوا بالتوراة أما ما ورد فيه زيادة على ما فيها فلأنه لا تعلق له بها نفيا ولا إثباتا وأما ما ورد بطريق البيان فلأن مدار ما فعلوا بها من التبديل والتحريف ليس ما وقع فيها من التباس الأمر واشتباه الحال حتى يقلعوا عن ذلك بإيضاحه وبيانه فتكون الجملة حينئذ خالية عن تأكيد التوبيخ فلا تستحق أن تقع موقع الحال بل الوجه حينئذ أن تكون استئنافا مقررا لما قبلها من مجىء الكتاب بطريق التكملة والاستطراد والتمهيد لما يعقبه من مجىء القرآن ولا سبيل إلى جعل ما عبارة عما كتموه من أحكام التوراة كما يفصح عنه قوله تعالى قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب فإن ظهوره وإن كان مزجرة لهم عن الكتم مخافة الافتضاح ومصححا لوقوع الجملة في موقع الحال لكن ذلك مما يعلمه الكاتمون حتما هذا وقد قيل الخطاب لمن آمن من قريش كما في قوله تعالى لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم وقوله تعالى «قل الله» أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجيب عنهم إشعارا بتعين الجواب بحيث لا محيد عنه وإيذانا بأنهم أفحموا ولم يقدروا على التكلم أصلا «ثم ذرهم في خوضهم» في باطلهم الذي يخوضون فيه ولا عليك بعد إلزام الحجة وإلقام الحجر «يلعبون» حال من الضمير الأول والظرف صلة للفعل المقدم أو المؤخر أو متعلق بمحذوف هو حال من مفعول الأول أو من فاعل الثاني أو الضمير الثاني لأنه فاعل في الحقيقة والظرف متصل بالأول «وهذا كتاب أنزلناه» تحقيق لنزول القرآن الكريم بعد تقرير إنزال ما بشر به من التوراة وتكذيب لهم في كلمتهم الشنعاء إثر تكذيب «مبارك» أي كثير الفوائد وجم المنافع «مصدق الذي بين يديه» من التوراة لنزوله حسبما وصف فيها أو الكتب التي قبله فإنه مصدق للكل في إثبات التوحيد والأمر به ونفي الشرك والنهي عنه وفي سائر أصول الشرائع التي لا تنسخ «ولتنذر أم القرى» عطف على ما دل عليه مبارك أي للبركات وإنذارك أهل مكة إنما ذكرت باسمها المنبىء عن كونها أعظم القرى شأنا وقبلة لأهلها قاطبة إيذانا بأن إنذار أهلها أصل مستتبع لإنذار أهل الأرض كافة وقرئ
(١٦٢)