تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٤٠
يصلح ذلك فهو أحب إلي فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فنزلت «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء» أي محال أن تقدروا على أن تعدلوا بينهن بحيث لا يقع ميل ما إلى جانب إحداهن في شأن من الشؤون البتة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك وفي رواية وأنت أعلم بما لا أملك يعنى فرط محبته لعائشة رضى الله عنها «ولو حرصتم» أي على إقامة العدل وبالغتم في ذلك «فلا تميلوا كل الميل» أي فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور واعدلوا ما استطعتم فإن عجزكم عن حقيقة العدل إنما يصحح عدم تكليفكم بها لا بما دونها من المراتب الداخلة تحت استطاعتكم «فتذروها» اى التي ملتم عنها «كالمعلقة» التي ليست ذات بعل أو مطلقة وقرئ كالمسجونة وفي الحديث من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل «وإن تصلحوا» ما كنتم تفسدون من أمورهن «وتتقوا» الميل فيما يستقبل «فإن الله كان غفورا» يغفر لكم ما فرط منكم من الميل «رحيما» يتفضل عليكم برحمته «وإن يتفرقا» وقرئ يتفارقا أي وإن يفارق كل منهما صاحبه بأن لم يتفق بينهما وفاق بوجه ما من الصلح وغيره «يغن الله كلا» منهما أي يجعله مستغنيا عن الآخر ويكفيه مهماته «من سعته» من غناه وقدرته وفيه زجر لهما عن المفارقة رغما لصاحبه «وكان الله واسعا حكيما» مقتدرا متقنا في أفعاله وأحكامه وقوله تعالى «ولله ما في السماوات وما في الأرض» أي من الموجودات كائنا ما كان من الخلائق وأرزاقهم وغير ذلك جملة مستأنفة منبهة على كمال سعته وعظم قدرته «ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم» أي أمرناهم في كتابهم وهم اليهود والنصارى ومن قبلهم من الأمم واللام في الكتاب للجنس ومن متعلقة بوصينا أو بأوتوا «وإياكم» عطف على الموصول «أن اتقوا الله» أي وصينا كلا منكم بان اتقوا الله على أن أن مصدرية حذف عنها الجار ويجوز أن تكون مفسرة لأن التوصية في معنى القول فقوله تعالى «وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض» حينئذ من تتمة القول المحكى أي ولقد قلنا لهم ولكم اتقوا الله وإن تكفروا إلى آخر الآية وعلى تقدير كون أن مصدرية مبنى الكلام إرادة القول أي أمرناهم وإياكم بالتقوى وقلنا لهم ولكم إن تكفروا الآية وقيل هي جملة مستأنفة خوطب بها هذه الأمة وأيما ما كان فالمترتب على كفرهم ليس مضمون قوله تعالى فإن لله الآية بل هو الأمر بعلمه كأنه قيل وإن تكفروا فاعلموا أن لله ما في السماوات وما في الأرض
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254