بمعنى الخصلة فإنهما يتوافقان في الخصال وفائدة الاعتراض جملة من جملتها الترغيب في اتباع ملته عليه السلام فإن من بلغ من الزلفى عند الله تعالى مبلغا مصححا لتسميته خليلا حقيق بان يكون اتباع طريقته أهم ما يمتد إليه أعناق الهمم وأشرف ما يرمق نحوه أحداق الأمم قيل إنه عليه الصلاة والسلام بعث إلى خليل له بمصر في أزمة أصابت الناس يمتار منه فقال خليله لو كان إبراهيم يطلب الميرة لنفسه لفعلت ولكنه يريدها للأضياف وقد أصابنا ما أصاب الناس من الشدة فرجع غلمانه عليه الصلاة والسلام فاجتازوا ببطحاء لينة فملئوا منها الغرائر حياء من الناس وجاؤا بها إلى منزل إبراهيم عليه الصلاة والسلام وألقوها فيه وتفرقوا وجاء أحدهم فأخبر إبراهيم بالقصة فاغتم لذلك غما شديدا لا سيما لاجتماع الناس ببابه رجاء الطعام فغلبه عيناه وعمدت سارة إلى الغرائر فإذا فيها أجود ما يكون من الحوارى فاختبزت وفي رواية فأطعمت الناس وانتبه إبراهيم عليه السلام فاشتم رائحة الخبز فقال من أين لكم قالت سارة من خليلك المصري فقال بل من عند خليلي الله عز وجل فسماه الله تعالى خليلا «ولله ما في السماوات وما في الأرض» جملة مبتدأة سيقت لتقرير وجوب طاعة الله تعالى على أهل السماوات والأرض ببين أن جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلقا وملكا لا يخرج عن ملكوته شئ منها فيجازى كلا بموجب أعماله خيرا وشرا وقيل لبيان أن اتخاذه عز وجل لإبراهيم عليه السلام خليلا ليس لاحتياجه سبحانه إلى ذلك في شأن من شؤونه كما هو دأب الآدميين فإن مدار خلتهم افتقار بعضهم إلى بعض في مصالحهم بل لمجرد تكرمته وتشريفه عليه السلام وقيل لبيان أن الخلة لا تخرجه عن رتبة العبودية وقيل لبيان أن اصطفاءه عليه السلام للخلة بمحض مشيئته تعالى أي تعالى ما فيهما جميعا يختار منهما ما يشاء وقوله عز وجل «وكان الله بكل شيء محيطا» تذييل مقرر لمضمون ما قبله على الوجوه المذكورة فإن إحاطته تعالى علما وقدرة بجميع الأشياء التي من جملتها ما فيهما من المكلفين وأعمالهم مما يقرر ذلك أكمل تقرير «ويستفتونك في النساء» أي في حقهن على الإطلاق كما ينبئ عنه الأحكام الآتية لا في حق ميراثهن خاصة فإنه صلى الله عليه وسلم قد سئل عن أحوال كثيرة مما يتعلق بهن فما بين حكمة فيما سلف أحيل بيانه على ما ورد في ذلك من الكتاب وما لم يبين حكمه بعد ههنا وذلك قوله تعالى «قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب» بإسناد الإفتاء الذي هو تبيين المبهم وتوضيح المشكل إليه تعالى وإلى ما تلى من الكتاب فيما سبق باعتبارين على طريقة قولك أغنانى زيد وعطاؤه بعطف ما على المبتدأ أو ضميره في الخبر لمكان الفصل بالمفعول والجار
(٢٣٧)