خلاص المستضعفين ويجوز نصبه على الاختصاص فإن سبيل الله يعم أبواب الخير وتخليص ضعفه المؤمنين من أيدي الكفرة أعظمها وأخصها «من الرجال والنساء والولدان» بيان للمستضعفين أو حال منهم وهم المسلمون الذين بقوا بمكة لصد المشركين أو لضعفهم عن الهجرة مستذلين ممتهنين وإنما ذكر الولدان معهم تكميلا للاستعطاف واستجلاب المرحمة وتنبيها على تناهى ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان لإرغام آبائهم وأمهاتهم وإيذانا بإجابة الدعاء الآتي واقتراب زمان الخلاص ببيان شركتهم في التضرع إلى الله تعالى كل ذلك للمبالغة في الحث على القتال وقيل المراد بالولدان العبيد والإماء إذ يقال لهما الوليد والوليدة وقد غلب الذكور على الإناث فاطلق الولدان على الولائد أيضا «الذين» محله الجر على أنه صفة للمستضعفين أو لما في حيز البيان أو النصب على الاختصاص «يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها» بالشرك الذي هو ظلم عظيم وبأذية المسلمين وهى مكة والظالم صفتها وتذكيره لتذكير ما أسند إليه فإن اسم الفاعل والمفعول إذا أجرى على غير من هو له كان كالفعل في التذكير والتأنيث بحسب ما عمل فيه واجعل لنا من لدنك وليا كلا الجارين متعلق باجعل لاختلاف معنييهما وتقديم المجرورين على المفعول الصريح لإظهار الاعتناء بهما وإبراز الرغبة في المؤخر بتقديم أحواله فإن تأخير ما حقه التقديم عما هو من أحواله المرغبة فيه كما يورث شوق السامع إلى وروده ينبئ عن كمال رغبة المتكلم فيه واعتنائه بحصوله لا محالة وتقديم اللام على من للمسارعة إلى إبراز كون المسؤول نافعا لهم مرغوبا فيه لديهم ويجوز أن تتعلق كلمة من بمحذوف وقع حالا من وليا قدمت عليه لكونه نكرة وكذا الكلام في قوله تعالى «واجعل لنا من لدنك نصيرا» قال ابن عباس رضى الله عنهما أي ول علينا واليا من المؤمنين يوالينا ويقوم بمصالحنا ويحفظ علينا ديننا وشرعنا وينصرنا على أعدائنا ولقد استجاب الله عز وجل دعاءهم حيث يسر لبعضهم الخروج إلى المدينة وجعل لمن بقي منهم خير ولى وأعز ناصر ففتح مكة على يدي نبيه صلى الله عليه وسلم فتولاهم أي تول ونصرهم آية نصرة ثم استعمل عليهم عتاب بن أسيد فحماهم ونصرهم حتى صاروا أعز أهلها وقيل المراد واجعل لنا من لدنك ولاية ونصرة أي كن أنت ولينا وناصرنا وتكرير الفعل ومتعلقيه للمبالغة في التضرع والابتهال «الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله» كلام مبتدأ سيق لترغيب المؤمنين في القتال وتشجيعهم ببيان كمال قوتهم بإمداد الله تعالى ونصرته وغاية ضعف أعدائهم أي المؤمنون إنما يقاتلون في دين الله الحق الموصل لهم إلى الله عز وجل وفي أعلاء كلمته فهو وليهم وناصرهم لا محالة «والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت» أي فيما يوصلهم إلى الشيطان فلا ناصر لهم سواه والفاء في قوله تعالى «فقاتلوا أولياء الشيطان» لبيان استتباع ما قبلها لما بعدها وذكرهم بهذا العنوان للدلالة على أن ذلك نتيجة لقتالهم في سبيل الشيطان والإشعار بأن المؤمنين أولياء الله تعالى لما أن قتالهم في سبيله وكل
(٢٠٢)