تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٠٢
خلاص المستضعفين ويجوز نصبه على الاختصاص فإن سبيل الله يعم أبواب الخير وتخليص ضعفه المؤمنين من أيدي الكفرة أعظمها وأخصها «من الرجال والنساء والولدان» بيان للمستضعفين أو حال منهم وهم المسلمون الذين بقوا بمكة لصد المشركين أو لضعفهم عن الهجرة مستذلين ممتهنين وإنما ذكر الولدان معهم تكميلا للاستعطاف واستجلاب المرحمة وتنبيها على تناهى ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان لإرغام آبائهم وأمهاتهم وإيذانا بإجابة الدعاء الآتي واقتراب زمان الخلاص ببيان شركتهم في التضرع إلى الله تعالى كل ذلك للمبالغة في الحث على القتال وقيل المراد بالولدان العبيد والإماء إذ يقال لهما الوليد والوليدة وقد غلب الذكور على الإناث فاطلق الولدان على الولائد أيضا «الذين» محله الجر على أنه صفة للمستضعفين أو لما في حيز البيان أو النصب على الاختصاص «يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها» بالشرك الذي هو ظلم عظيم وبأذية المسلمين وهى مكة والظالم صفتها وتذكيره لتذكير ما أسند إليه فإن اسم الفاعل والمفعول إذا أجرى على غير من هو له كان كالفعل في التذكير والتأنيث بحسب ما عمل فيه واجعل لنا من لدنك وليا كلا الجارين متعلق باجعل لاختلاف معنييهما وتقديم المجرورين على المفعول الصريح لإظهار الاعتناء بهما وإبراز الرغبة في المؤخر بتقديم أحواله فإن تأخير ما حقه التقديم عما هو من أحواله المرغبة فيه كما يورث شوق السامع إلى وروده ينبئ عن كمال رغبة المتكلم فيه واعتنائه بحصوله لا محالة وتقديم اللام على من للمسارعة إلى إبراز كون المسؤول نافعا لهم مرغوبا فيه لديهم ويجوز أن تتعلق كلمة من بمحذوف وقع حالا من وليا قدمت عليه لكونه نكرة وكذا الكلام في قوله تعالى «واجعل لنا من لدنك نصيرا» قال ابن عباس رضى الله عنهما أي ول علينا واليا من المؤمنين يوالينا ويقوم بمصالحنا ويحفظ علينا ديننا وشرعنا وينصرنا على أعدائنا ولقد استجاب الله عز وجل دعاءهم حيث يسر لبعضهم الخروج إلى المدينة وجعل لمن بقي منهم خير ولى وأعز ناصر ففتح مكة على يدي نبيه صلى الله عليه وسلم فتولاهم أي تول ونصرهم آية نصرة ثم استعمل عليهم عتاب بن أسيد فحماهم ونصرهم حتى صاروا أعز أهلها وقيل المراد واجعل لنا من لدنك ولاية ونصرة أي كن أنت ولينا وناصرنا وتكرير الفعل ومتعلقيه للمبالغة في التضرع والابتهال «الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله» كلام مبتدأ سيق لترغيب المؤمنين في القتال وتشجيعهم ببيان كمال قوتهم بإمداد الله تعالى ونصرته وغاية ضعف أعدائهم أي المؤمنون إنما يقاتلون في دين الله الحق الموصل لهم إلى الله عز وجل وفي أعلاء كلمته فهو وليهم وناصرهم لا محالة «والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت» أي فيما يوصلهم إلى الشيطان فلا ناصر لهم سواه والفاء في قوله تعالى «فقاتلوا أولياء الشيطان» لبيان استتباع ما قبلها لما بعدها وذكرهم بهذا العنوان للدلالة على أن ذلك نتيجة لقتالهم في سبيل الشيطان والإشعار بأن المؤمنين أولياء الله تعالى لما أن قتالهم في سبيله وكل
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254