تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢١٣
وتأكيد استحالة الهداية بما ذكر في حيز الصلة وتوجيه الإنكار إلى الإرادة لا إلى متعلقها بأن يقال أتهدون الخ للمبالغة في إنكاره ببيان أنه مما لا يمكن إرادته فضلا عن إمكان نفسه وحمل الهداية والإضلال على الحكم بهما يأباه قوله تعالى «ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا» أي ومن يخلق فيه الضلال كائنا من كان فلن تجد له سبيلا من السبل فضلا عن أن تهديه إليه وفيه من الإفصاح عن كمال الاستحالة ما ليس في قوله تعالى «ومن يضلل الله فما له من هاد» ونظائره وحمل إضلاله تعالى على حكمه وقضائه بالضلال مخل بحسن المقابلة بين الشرط والجزاء وتوجيه الخطاب إلى كل واحد من المخاطبين للإشعار بشمول عدم الوجدان للكل على طريق التفصيل والجملة إما حال من فاعل تريدون أو تهتدوا والرابط هو الواو أو اعتراض تذييلى مقرر للإنكار السابق ومؤكده لاستحالة الهداية فحينئذ يجوز أن يكون الخطاب لكل أحد ممن يصلح له من المخاطبين أولا ومن غيرهم «ودوا لو تكفرون» كلام مستأنف مسوق لبيان غلوهم وتماديهم في الكفر وتصديهم لإضلال غيرهم إثر بيان كفرهم وضلالهم في أنفسهم وكلمة لو مصدرية غنية عن الجواب وهى مع ما بعدها نصب على المفعولية أي ودوا أن تكفروا وقوله تعالى «كما كفروا» نصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي كفر مثل كفرهم أو حال من ضمير ذلك المصدر كما هو رأى سيبويه وقوله تعالى «فتكونون سواء» عطف على تكفرون داخل في حكمه أي ودوا أن تكفروا فتكونوا سواء مستوين في الكفر والضلال وقيل كلمة لو على بابها وجوابها محذوف كمفعول ودوا لتقدير ودوا كفركم لو تكفرون كما كفروا لسروا بذلك «فلا تتخذوا منهم أولياء» الفاء جواب شرط محذوف وجمع أولياء لمراعاة جمع المخاطبين فإن المراد نهى ان يتخذ واحد من المخاطبين وليا واحدا منهم أي إذا كان حالهم ما ذكر من ودادة كفركم فلا توالوهم «حتى يهاجروا في سبيل الله» أي حتى يؤمنوا ويحققوا إيمانهم بهجرة كائنة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا لغرض من أغراض الدنيا «فإن تولوا» أي عن الإيمان المظاهر بالهجرة الصحيحة المستقيمة «فخذوهم» أي إذا قدرتم عليهم «واقتلوهم حيث وجدتموهم» من الحل والحرم فإن حكمهم حكم سائر المشركين أسرا وقتلا «ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا» أي جانبوهم مجانبة كلية ولا تقبلوا منهم ولاية ولا نصرة أبدا «إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق» استثناء من قوله تعالى «فخذوهم واقتلوهم» أي إلا الذين يتصلون وينتهون إلى قوم عاهدوكم ولم يحاربوكم وهم الأسلميون كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254