تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٧٩
أي يودون ان يدفنون في الأرض وهم لا يكتمون منه تعالى حديثا ولا يكذبونه بقولهم والله رنبا ما كنا مشركين إذ روى أنهم إذا قالوا ذلك ختم الله على أفواهم فتشهد عليهم جوارحهم فيشتد الامر عليهم فيتمنون أن تسوى بهم الأرض وقرئ تسوى على أن أصله تتسوى فأدغم التاء في السين وقرئ تسوى بحذف التاء الثانية يقال سويته فتسوى «يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون» لما نهوا فيما سلف عن الإشراك به تعالى نهوا ههنا عما يؤدى إليه من حيث لا يحتسبون فإنه روى أن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه صنع طعاما وشرابا حين كانت الخمر مباحة فدعا نفرا من الصحابة رضى الله عنهم فأكلوا وشربوا حتى ثملوا وجاء وقت صلاة المغرب فتقدم أحدهم ليصلى بهم فقرأ أعبد ما تعبدون فنزلت وتصدير الكلام بحر في النداء والتنبية للمبالغة في حملهم على العمل بموجب النهى عن قربان المساجد لقوله عليه السلام جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ويأباه قوله تعالى حتى تعلموا ما تقولون فالمعنى لا تقيموها في حالة السكر حتى تعلموا قبل الشروع ما تقولونه إذ بتلك التجربة يظهر انهم يعلمون ما سيقرءونه في الصلاة وحمل ما تقولون على ما في الصلاة يستدعى تقدم الشروع فيها على غاية النهى وحمل العلم على ما بالقوة على معنى حتى تكونوا بحيث تعلمون ما ستقرءون في الصلاة تطويل بلا طائل لأن تلك الحيثية إنما تظهر بما ذكر من التجربة على إيثار ما تقولون على ما تقرءون حينئذ يكون عاريا عن الداعي وقيل المراد بالسكر سكر النعاس وغلبة النوم وأيا ما كان فليس مرجع النهى هو المقيد مع كأنه قيل يا أيها الذين آمنوا لا تسكروا في أوقات الصلاة وقد روى انهم كانوا بعد ما نزلت الآية لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوها فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر وعلموا ما يقولون «ولا جنبا» عطف على قوله تعالى وأنتم سكارى فإنه في حيز النصب كأنه قيل لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا والجنب من أصابه الجنابة يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لجريانه مجرى المصدر «إلا عابري سبيل» استثناء مفرغ من أعم الأحوال محلة النصب على أنه حال من ضمير لا تقربوا باعتبار تقيده بالحال الثانية دون الأولى والعامل فيه فعل النهى أي لا تقربوا الصلاة جنبا في حال من الحوال إلا حال كونكم مسافرين على معنى أن في حالة السفر ينتهى حكم النهى لكن لا بطريق شمول النفي لجميع صورها بل بطريق نفى الشمول في الجلمة من غير دلالة على انتفاء خصوصية البعض المنتفى ولا على بقاء خصوصية
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254