يعطيه ألفي ألف حسنة ثم تلا هذه الآية الكريمة والمراد الكثرة لا التحديد «ويؤت من لدنه» ويعط صاحبها من عنده على نهج التفضل زائدا على ما وعده في مقابلة العمل «أجرا عظيما» عطاء جزيلا وإنما سماه اجرا لكونه تابعا للأجر مزيدا عليه «فكيف» محلها إما الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف وإما النصب بفعل محذوف على التشبيه بالحال كما هو رأى سيبويه أو على التشبيه بالظرف كما هو رأى الأخفش أي فكيف حال هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم أو كيف يصنعون «إذا جئنا» يوم القيامة من كل أمة من الأمم «بشهيد» يشهد عليهم بكا كانوا عليه من فساد العقائد وقبائح الأعمال وهو نبيهم كما في قوله تعالى «وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم» والعامل في الظرف مضمون المبتدأ والخبر من هول الأمر وعظم الشأن أو الفعل المقدر ومن متعلقة بجئنا «وجئنا بك» يا محمد «على هؤلاء» إشارة إلى الشهداء المدلول عليهم بما ذكر «شهيدا» تشهد على صدقهم لعلمك بعقائدهم لاستجماع شرعك لمجامع قواعدهم وقيل إلى المكذبين المستفهم عن حالهم تشهد عليهم بالكفر والعصيان كما يشهد سائر الأنبياء على أممهم وقيل إلى المؤمنين كما في قوله تعالى «لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» «يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول» استئناف لبيان حالهم التي أشير إلى شدتها وفظاعتها بقوله تعالى فكيف فإن أريد بهم المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالتعبير عنهم بالموصول لا سيما بعد الإشارة إليهم بهولاء لذمهم بما في حيز الصلة والإشعار بعلة ما اعتراهم من الحال الفظيعة والأمر الهائل وإيراده عليه السلام بعنوان الرسالة لتشريفة وزيادة تقبيح حال مكذبيه فإن حق الرسول أن يؤمن به ويطاع لا أن يكفر به ويعصى وإن أريد بهم جنس الكفرة فهم داخلون في زمرتهم دخولا أولياء والمراد بالرسول حينئذ الجنس المنتظم للنبي عليه السلام انتظاما أوليا وأيا ما كان ففيه من تهويل الأمر وتفظيع الحال مالا يقادر قدره وقوله تعالى وعصوا عطف على كفروا داخل معه في الصلة والمراد معاصيهم المغايرة لكفرهم ففيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع في حق المؤاخذة وقيل حال من ضمير كفروا وقيل صلة لموصول آخر أي يود في ذلك اليوم الذين جمعوا بين الكفر وعصيان الرسول أو الذين كفروا وقد عصوا الرسول أو الذين كفروا والذين عصوا الرسول ولو في قوله تعالى «لو تسوى بهم الأرض» إن جعلت مصدرية فالجملة مفعول ليود أي يودون ان يدفنوا فتسوى بهم الأرض كالموتى وقيل يودون انهم لم يبعثوا أو لم يحلقوا وكأنهم والأرض سواء وقيل تصير البهائم ترابا فيودون حالها وإن جعلت جارية على بابها فالمفعول محذوف لدلالة الجملة عليه اى يودون تسوية الأرض وجواب لو أيضا محذوف إيذانا بغاية ظهوره أي لسروا بذلك وقوله تعالى «ولا يكتمون الله حديثا» عطف على يود أي ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم وقيل الواو للحال
(١٧٨)