تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
والجملة حالية بإضمار قد لا معطوفة على الشرط أي وقد آتيتم التي تريدون أن تطلقوها «قنطارا» أي مالا كثيرا «فلا تأخذوا منه» أي من ذلك القنطار «شيئا» يسيرا فضلا عن الكثير «أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا» استئناف مسوق لتقرير النهي والتنفير عن المنهي عنه والاستفهام للإنكار والتوبيخ أي أتأخذونه باهتين وآثمين أو للبهتان والاثم فإن أحدهم كان إذا تزوج امرأة بهت التي تحته بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إلى تزوج الجديدة فنهوا عن ذلك والبهتان الكذب الذي يبهت المكذوب عليه ويدهشه وقد يستعمل في الفعل الباطل ولذلك فسر ههنا بالظلم وقوله عز وجل «وكيف تأخذونه» انكار لأخذه اثر انكار وتنفير عنه غب تنفير وقد بولغ فيه حيث وجه الانكار إلى كيفية الأخذ ايذانا بأنه مما لا سبيل له إلى التحقق والوقوع أصلا لأن ما يدخل تحت الوجود لابد أن يكون على حال من الأحوال فإذا لم يكن لشيء حال أصلا لم يكن له حظ من الوجود قطعا وقوله عز وجل «وقد أفضى بعضكم إلى بعض» حال من فاعل تأخذونه مفيدة لتأكيد النكير وتقرير الاستبعاد أي على أي حال أو في أي حال تأخذونه والحال أنه قد جرى بينكم وبينهن أحوال منافية له من الخلوة وتقرر المهر وثبوت حق خدمتهن لكم وغير ذلك «وأخذن منكم ميثاقا غليظا» عطف على ما قبله داخل في حكمه أي أخذن منكم عهدا وثيقا وهو حق الصحبة والمعاشرة أو ما أوثق الله تعالى عليهم في شأنهن بقوله تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان أو ما أشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى «ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم» شروع في بيان من يحرم نكاحها من النساء ومن لا يحرم وانما خص هذا النكاح بالنهي ولم ينظم في سلك نكاح المحرمات الآتية مبالغة في الزجر عنه حيث كانوا مصرين على تعاطيه قال ابن عباس وجمهور المفسرين كان أهل الجاهلية يتزوجون بأزواج آبائهم فنهوا عن ذلك واسم الآباء ينتظم الأجداد مجازا فتثبت حرمة ما نكحوها نصا واجماعا ويستقل في اثبات هذه الحرمة نفس النكاح إذا كان صحيحا واما إذا كان فاسدا فلا بد في اثباتها من الوطء أو ما يجري مجراه من التقبيل والمس بشهوة ونحوهما بل هو المثبت لها في الحقيقة حتى لو وقع شيء من ذلك بحكم ملك اليمين أو بالوجه المحرم تثبت به الحرمة عندنا خلافا للشافعي في المحرم أي لا تنكحوا التي نكحها آباؤكم وايثار ما على من للذهاب إلى الوصف وقيل ما مصدرية على إرادة المفعول من المصدر «من النساء» بيان لما نكح على الوجهين «إلا ما قد سلف» استثناء مما نكح مفيد للمبالغة في التحريم بإخراج الكلام مخرج التعليق بالمحال على طريقة قوله * ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب * والمعنى لا تنكحوا حلائل آبائكم الا من ماتت منهن والمقصود سد طريق الإباحة بالكلية ونظيره قوله تعالى «حتى يلج الجمل في سم الخياط» وقيل هو استثناء مما يستلزمه النهي ويستوجبه مباشرة المنهي عنه
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254