تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٥٤
ذلك «حدود الله» أي شرائعه المحدودة التي لا تجوز مجاوزتها «ومن يطع الله ورسوله» في جميع الأوامر والنواهي التي من جملتها ما فصل ههنا وإظهار الاسم الجليل لما ذكر آنفا «يدخله جنات» نصب على الظرفية عند الجمهور وعلى المفعولية عند الأخفش «تجري من تحتها الأنهار» صفة لجنات منصوبة حسب انتصابها «خالدين فيها» حال مقدرة من مفعول يدخله وصيغة الجمع بالنظر إلى جمعية من بحسب المعنى كما ان إفراد الضمير بالنظر إلى إفراده لفظا «وذلك» إشارة إلى ما مر من دخول الجنات الموصوفة بما ذكر على وجه الخلود وما فيه من معنى البعد للإيذان بكمال علو درجته «الفوز العظيم» الذي لا وصف وراءه وصف الفوز وهو الظفر بالخير بالعظيم إما باعتبار متعلقة أو باعتبار ذاته فإن الفوز بالعظيم عظيم والجملة اعتراض «ومن يعص الله ورسوله» ولو في بعض الأوامر والنواهي قال مجاهد فيما اقتص من المواريث وقال عكرمة عن ابن عباس من لم يرض بقسم الله تعالى ويتعد ما قاله الله تعالى وقال الكلبي يعنى ومن يكفر بقسمة الله المواريث ويتعد حدوده استحلالا والإظهار في موقع الإضمار للمبالغة في الزجر بتهويل الأمر وتربية المهابة «ويتعد حدوده» شرائعه المحدودة في جميع الأحكام فيدخل فيها ما نحن فيه دخولا أوليا «يدخله» وقرئ بنون العظمة في الموضعين «نارا» أي عظيمة هائلة لا يقادر قدرها «خالدا فيها» حال كما سبق ولعل إيثار الإفراد ههنا نظرا إلى ظاهر اللفظ واختيار الجمع هناك نظرا إلى المعنى للإيذان بأن الخلود في دار الثواب بصفة الاجتماع أجلب للأنس كما أن الخلود في دار العذاب بصفة الانفراد أشد في استجلاب الوحشة «وله عذاب مهين» أي وله مع عذاب الحريق الجسماني عذاب آخر مبهم لا يعرف كنهه وهو العذاب الروحاني كما يؤذن به وصفه والجملة حالية «واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم» شروع في بيان بعض آخر من الأحكام المتعلقة بالنساء إثر بيان أحكام المواريث واللآتى جمع التي بحسب المعنى دون اللفظ وقيل جمع على غير قياس والفاحشة الفعلة القبيحة أريد بها الزنا لزيادة قبحه والإتيان الفعل والمباشرة يقال أتى الفاحشة أي فعلها وباشرها وكذا جاءها ورهقها وغشيها وقرئ بالفاحشة فالإتيان بمعناه المشهور ومن متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل يأتين أي اللآتى يفعلن الزنا كائنات من نسائكم أي من أزواجكم كما في قوله تعالى «والذين يظاهرون من نسائهم» وقوله تعالى «من نسائكم اللاتي دخلتم بهن» وبه قال السدى «فاستشهدوا عليهن أربعة منكم» خبر للموصول والفاء للدلالة على سببية ما في حيز الصلة للحكم أي فاطلبوا أن يشهد عليهن بإتيانها أربعة من رجال المؤمنين وأحرارهم «فإن شهدوا» عليهن بذلك «فأمسكوهن في البيوت» أي فاحبسوهن فيها واجعلوها سجنا عليهن «حتى يتوفاهن» أي إلى ان يستوفى أرواحهن «الموت» وفيه تهويل للموت وإبراز له في صورة من يتولى قبض الأرواح
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254