تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٧٠
بينكم بالباطل» شروع في بيان بعض الحرمات المتعلقة بالأموال والأنفس إثر بيان الحرمات المتعلقة بالأبضاع وتصدير الخطاب بالنداء والتنبيه لإظهار كمال العناية بمضمونه والمراد بالباطل ما يخالف الشرع كالغصب والسرقة والخيانة والقمار وعقود الربا وغير ذلك مما لم يبحه الشرع أي لا يأكل بعضكم أموال بعض بغير طريق شرعي «إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم» استثناء منقطع وعن متعلقة بمحذوف وقع صفة لتجارة أي إلا ان تكون التجارة تجارة صادرة عن تراض كما في قوله * إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا * أي إذا كان اليوم يوما الخ أو إلا أن تكون الأموال أموال تجارة وقرئ تجارة بالرفع على أن كان تامة أي ولكن اقصدوا كون تجارة عن تراض أي وقوعها أو ولكن وجود تجارة عن تراض غير منهى عنه وتخصيصها بالذكر من بيان سائر أسباب الملك لكونها معظمها وأغلبها وقوعا وأوافقها لذوي المروءات والمراد بالتراضي مراضاة المتبايعين فيما تعاقدا عليه في حال المبايعة وقت الإيجاب والقبول عندنا وعند الشافعي رحمه الله حالة الاقتراق عن مجلس العقد «ولا تقتلوا أنفسكم» أي من كان من جنسكم من المؤمنين فإن كلهم كنفس واحدة وعن الحسن لا تقتلوا إخوانكم والتعبير عنهم بالأنفس للمبالغة في الزجر عن قتلهم بتصويره بصورة ما لا يكاد يفعله عاقل أولا تهلكوا أنفسكم بتعريضها للعقاب باقتراف ما يفضى إليه فإنه القتل الحقيقي لها كما يشعر به إيراده عقيب النهى عن أكل الحرام فيكون مقررا للنهي السابق وقيل لا تقتلوا أنفسكم بالبخع كما يفعله بعض الجهلة أو بارتكاب ما يؤدى إلى القتل من الجنايات وقيل بإلقائها في التهلكة وأيد بما روى عن عمر بن العاص انه تأوله بالتيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ ولا تقتلوا بالتشديد للتكثير وقد جمع في التوصية بين حفظ النفس وحفظ المال لما أنه شقيقها من حيث أنه سبب لقوامها وتحصيل كمالاته واستيفاء فضائلها وتقديم النهى عن التعرض له لكثرة وقوعه «إن الله كان بكم رحيما» تعليل للنهي بطريق الاستئناف أي مبالغا في الرحمة والرأفة ولذلك نهاكم عما نهى فإن ذلك رحمة عظيمة لكم بالزجر عن المعاصي وللذين هم في معرض التعرض لهم بحفظ أموالهم وأنفسهم وقيل معناه إنه كان بكم يا أمة محمد رحيما حيث امر بنى إسرائيل بقتلهم أنفسهم ليكون توبة لهم وتمحيصا لخطاياهم ولم يكلفكم تلك التكاليف الشاقة «ومن يفعل ذلك» إشارة إلى القتل خاصة أو لما قبله من أكل الأموال وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهما في الفساد «عدوانا وظلما» أي إفراطا في التجاوز عن الحد وإتيانا بما لا يستحقه وقيل أريد بالعدوان التعدي على الغير بالظلم الظلم على النفس بتعريضها للعقاب ومحلها النصب على الحالية أو على العلية أي معتديا وظالما أو للعدوان والظلم وقرئ عدوانا بكسر العين «فسوف نصليه» جواب للشرط أي ندخله وقرئ بالتشديد من صلى وبفتح النون من صلاة يصليه ومنه شاة مصلية ويصليه بالياء والضمير لله تعالى أو لذلك من حيث إنه سبب للصلى «نارا» أي نارا مخصوصة هائلة شديدة العذاب «وكان ذلك» أي إصلاؤه النار «على الله يسيرا» لتحقق الداعي وعدم الصارف وإظهار الاسم الجليل بطريق الالتفات لتربية المهابة وتأكيد استقلال الاعتراض التذييلى
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254