الترحم وأن يحب لأولاد غيره ما يحب لأولاد نفسه وتهديد للمخالف بحال أولاده وقرئ ضعفاء وضعافى وضعافى «فليتقوا الله» في ذلك والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها «وليقولوا قولا سديدا» أمرهم بالتقوى التي هي غاية الخشية بعد ما أمرهم بها مراعاة للمبدأ والمنتهى إذ لا نفع للأول بدون الثاني ثم أمرهم بان يقولوا لليتامى مثل ما يقولون لأولادهم بالشفقة وحسن الأدب أو للمريض ما يصده عن الإسراف في الوصية وتضييع الورثة ويذكره التوبة وكلمة الشهادة أو لحاضرى القسمة عذرا ووعدا حسنا أو يقولوا في الوصية مالا يؤدى إلى تجاوز الثلث وقوله تعالى «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما» أي على وجه الظلم أو ظالمين استئناف جئ به لتقرير مضمون ما فصل من الأوامر والنواهي «إنما يأكلون في بطونهم» أي ملء بطونهم «نارا» أي ما يجر إلى النار ويؤدى إليها وعن أبي بردة أنه صلى الله عليه وسلم قال يبعث الله تعالى قوما من قبورهم تتأجج أفواههم نارا فقيل من هم فقال عليه السلام ألم تر أن الله يقول إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا «وسيصلون سعيرا» أي سيدخلون نارا هائلة مبهمة الوصف وقرئ بضم الياء مخففا ومشددا من الإصلاء والتصلية يقال صلى النار قاسى حرها وصليته شويته وأصليته ألقيته فيها والسعير فعيل بمعنى مفعول من سعرت النار إذا ألهبتها روى ان آكل مال اليتم يبعث يوم القيامة والدخان يخرج من قبره ومن فيه وأنفه وأذنيه وعينيه فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا وروى انه لما نزلت هذه الآية ثقل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية فصعب الأمر على اليتامى فنزل قوله تعالى وإن تخالطوهم الآية «يوصيكم الله» شروع في تفصيل أحكام المواريث المجملة في قوله تعالى «للرجال نصيب» الخ وأقسام الورثة ثلاثة قسم لا يسقط بحال وهم الآباء والأولاد والأزواج فهؤلاء قسمان والثالث الكلالة أي يأمركم ويعهد إليكم «في أولادكم» أولاد كل واحد منكم أي في شأن ميراثهم بدئ بهم لأنهم أقرب الورثة إلى الميت وأكثرهم بقاء بعد المورث «للذكر مثل حظ الأنثيين» جملة مستأنفة جئ بها لتبيين الوصية وتفسيرها وقيل محلها النصب بيوصيكم على أن المعنى يفرض عليكم ويشرع لكم هذا الحكم وهذا قريب مما رآه الفراء فإنه يجرى ما كان بمعنى القول من الأفعال مجراه في حكاية الجملة بعده ونظيره
(١٤٨)