تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
«وليست التوبة للذين يعملون السيئات» تصريح بما فهم من قصر القبول على توبة من تاب من قريب وزيادة تعيين له ببيان أن توبة من عداهم بمنزلة العدم وجمع السيئات باعتبار تكرر وقوعها في الزمان المديد لا لأن المراد جميع أنواعها وبما مر من السوء نوع منها «حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن» حتى حرف ابتداء والجملة الشرطية بعدها غاية لما قبلها أي ليس قبول التوبة للذين يعملون السيئات إلى حضور موتهم وقولهم حينئذ إني تبت الآن وذكر الآن لمزيد تعيين الوقت وإيثار قال على تاب لإسقاط ذلك عن درجة الاعتبار والتحاشى عن تسميته توبة «ولا الذين يموتون وهم كفار» عطف على الموصول الذي قبله أي ليس قبول التوبة لهؤلاء ولا لهؤلاء وإنما ذكر هؤلاء مع أنه لا توبة لهم رأسا مبالغة في بيان عدم قبول توبة المسوفين وإيذانا بأن وجودها كعدمها بل في تكرير حرف النفي في المعطوف إشعار خفى بكون حال المسوفين في عدم استتباع الجدوى أقوى من حال الذين يموتون على الكفر والمراد بالموصولين إما الكفار خاصة وإما الفساق وحدهم وتسميتهم في الجملة الحالية كفارا للتغليظ كما في قوله تعالى «ومن كفر فإن الله غني عن العالمين» وإما ما يعم الفريقين جميعا فالتسمية حينئذ للتغليب ويجوز أن يراد بالأول الفسقة وبالثاني الكفرة ففيه مبالغة أخرى «أولئك» إشارة إلى الفريقين وما فيه من معنى البعد للإيذان بترامى حالهم في الفظاعة وبعد منزلتهم في السوء وهو مبتدأ خبره «اعتدنا لهم» أي هيأنا لهم «عذابا أليما» تكرير الإسناد لما مر من تقوية الحكم وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح لإظهار الاعتناء بكون العذاب معدا لهم وتنكير العذاب ووصفه للتفخيم الذاتي والوصفى «يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها» كان الرجل إذا مات قريبه يلقى ثوبه على إمرأتة أو على خبائها ويقول أرث امرأته كما أرث ماله فيصير بذلك أحق بها من كل أحد ثم أن شاء تزوجها بلا صداق غير الصداق الأول وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها منه شيئا وأن شاء عضلها لتفتدى بما ورثت من زوجها وإن ذهبت المرأة إلى أهلها قبل إلقاء الثوب فهي أحق بنفسها فنهوا عن ذلك وقيل لهم لا يحل لكم ان تأخذوا بطريق الإرث على زعمكم كما تحاز المواريث وهن كارهات لذلك أو مكرهات عليه وقرئ لا تحل بالتاء الفوقانية على أن ان ترثوا بمعنى الوراثة وقرئ كرها بضم الكاف وهي لغة كالضعف والضعف وكان الرجل إذا تزوج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها مع سوء العشرة والقهر وضيق عليها
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254