تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٤٩
قوله تعالى «وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة» الآية وقوله تعالى للذكر لا بد له من ضمير عائد إلى الأولاد محذوف ثقة بظهوره كما في قولهم السمن منوان بدرهم أي للذكر منهم وقيل الألف واللام قائم مقامي والأصل لذكرهم ومثل صفة لموصوف محذوف أي للذكر منهم حظ مثل حظ الأنثيين والبداءة ببيان حكم الذكر لإظهار مزيته على الأنثى كما انها المناط في تضعيف حظة وايثار اسمى الذكر والأنثى على ما ذكر أولا من الرجال والنساء للتنصيص على استواء الكبار والصغار من الفريقين في الاستحقاق من غير دخل للبلوغ والكبر في ذلك أصلا كما هو زعم أهل الجاهلية حيث كانوا لا يورثون الأطفال كالنساء «فإن كن» أي الأولاد والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله تعالى «نساء» أي خلصا ليس معهن ذكر «فوق اثنتين» خبر ثان أو صفة لنساء أي نساء زائدات على اثنتين «فلهن ثلثا ما ترك» أي المتوفى المدلول عليه بقرينة المقام «وإن كانت» أي المولودة «واحدة» أي امرأة واحدة ليس معها أخ ولا أخت وعدم التعرض للموصوف لظهوره مما سبق «فلها النصف» مما ترك وقرئ واحدة على كان التامة واختلف في الثنتين فقال ابن عباس حكمهما حكم الواحدة لأنه تعالى جعل الثلثين لما فوقهما وقال الجمهور حكمهما حكم ما فوقهما لأنه تعالى لما بين حظ الذكر مثل حظ الأنثيين إذا كان معه أنثى وهو الثلثان اقتضى ذلك أن فرضهما الثلثان ثم لما أوهم ذلك أن يزاد النصيب بزيادة العدد رد ذلك بقوله تعالى «فإن كن نساء فوق اثنتين» ويؤيد ذلك أن البنت الواحدة لما استحقت الثلث مع أخيها الأقوى منها في الاستحقاق فلأن تستحقه مع مثلها أولى وأحرى وأن البنتين أمس رحما من الأختين وقد فرض الله لهما الثلثين حيث قال تعالى «فلهما الثلثان مما ترك» «ولأبويه» أي لأبوى الميت غير النظم الكريم لعدم اختصاص حكمه بما قبله من الصور «لكل واحد منهما» بدل منه بتكرير العامل وسط بين المبتدأ الذي هو قوله تعالى «السدس» وبين خبره الذي هو لأبويه ونقل الخبرية إليه تنصيصا على استحقاق كل منهما السدس وتأكيدا له بالتفصيل بعد الإجمال وقرئ السدس بسكون الدال تخفيفا وكذلك الثلث والربع والثمن «مما ترك» متعلق بمحذوف وقع حالا من السدس والعامل الاستقرار المعتبر في الخبر أي كائنا مما ترك المتوفى «إن كان له ولد» أو ولد ابن ذكرا كان أو أنثى واحدا أو متعددا غير أن الأب في صورة الأنوثة بعد ما أخذ فرضه المذكور يأخذ ما بقي من ذوى الفروض بالعصوبة «فإن لم يكن له ولد» ولا ولد ابن «وورثه أبواه» فحسب «فلأمه الثلث» مما ترك والباقي للأب وإنما لم يذكر لعدم الحاجة إليه لأنه لما فرض انحصار الوارث في أبويه وعين نصيب الأم علم أن الباقي للأب وتخصيص جانب الأم بالذكر وإحالة جانب الأب على دلالة الحال مع حصول البيان بالعكس أيضا لما أن حظها أخصر واستحقاقه أتم وأوفر أو لأن استحقاقه بطريق العصوبة دون الفرض هذا إذا لم يكن معهما أحد الزوجين أما إذا كان معهما ذلك فللأم ثلث ما بقي بعد فرض أحدهما لا ثلث الكل كما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فإنه يفضى إلى تفضيل الأم على الأب مع كونه أقوى منها في الإرث بدليل أضعافه عليها عند انفرادهما عن أحد الزوجين وكونه صاحب فرض وعصبة وذلك خلاف وضع الشرع «فإن كان له إخوة» أي عدد ممن له أخوة من غير اعتبار التثليث سواء كانت من جهة الأبوين أو من جهة أحدهما وسواء كانوا ذكورا أو إناثا
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254