ولكن لا شعور لنا بذلك، إذ لا نشاهد باطن أمرهم، وخصوا من بين سائر المؤمنين، بأنهم في البرزخ يرزقون من مطاعم الجنة ما يرزق المؤمنون من أهل الجنة على أنه قد ورد في الحديث: " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة "، ومعنى: " يعلق ": يأكل، ومنه قوله: ما ذقت علاقا، أي: مأكلا، فقد عم المؤمنين، بأنهم يرزقون في البرزخ من رزق الجنة، ولكن لا يمتنع أن يخص الشهداء من ذلك بقدر لا يناله غيرهم، والله أعلم.
انتهى.
وروى النسائي أن رجلا قال: يا رسول الله، ما بال المؤمنين في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ". انتهى.
* ت *: وحديث: " إنما نسمة المؤمن طائر " خرجه مالك رحمه الله. قال الداودي: وحديث مالك، هذا أصح ما جاء في الأرواح، والذي روي أنها تجعل في حواصل طير لا يصح في النقل. انتهى.
قال أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد ": والأشبه قول من قال: كطير أو كصور طير، لموافقته لحديث " الموطأ "، هذا / وأسند أبو عمر هذه الأحاديث، ولم يذكر مطعنا في إسنادها. انتهى.
ثم أعلمهم تعالى أن الدنيا دار بلاء ومحنة، ثم وعد على الصبر، فقال:
(ولنبلونكم) أي: نمتحنكم (بشئ من الخوف)، أي: من الأعداء في الحروب، (ونقص من الأموال) أي بالسوانح، والمصائب، (والأنفس) بالموت، والقتل، (والثمرات) بالعاهات، والمراد بشئ من هذا وشئ من هذا، واكتفى بالأول إيجازا، ثم وصف سبحانه الصابرين الذين بشرهم بقوله: (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)، فجعل سبحانه هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب، لما جمعت من المعاني المباركة من توحيد الله سبحانه، والإقرار له بالعبودية، والبعث من القبور، واليقين