معناه: مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر (1)، وقال أبو العالية: قولوا لهم الطيب من القول، وحاوروهم بأحسن ما تحبون أن تحاوروا به (2)، وهذا حض على مكارم الأخلاق، وزكاتهم هي التي كانوا يضعونها، وتنزل النار على ما تقبل منها، دون ما لم يتقبل.
وقوله تعالى: (ثم توليتم...) الآية: خطاب لمعاصري النبي صلى الله عليه وسلم أسند إليهم تولي أسلافهم، إذ هم كلهم بتلك السبيل، قال نحوه ابن عباس وغيره (3). والمراد بالقليل المستثنى جميع مؤمنيهم قديما من أسلافهم، وحديثا كابن سلام وغيره، والقلة على هذا هي في عدد الأشخاص، ويحتمل أن تكون القلة في الإيمان، والأول أقوى.
* ص (4): (إلا قليلا): منصوب على الاستثناء، وهو الأفصح، لأنه استثناء من موجب، وروى عن أبي عمرو (5): " إلا قليل "، بالرفع، ووجهه ابن عطية على بدل قليل من ضمير: " توليتم " على أن معنى " توليتم " النفي، أي: لم يف بالميثاق إلا قليل، ورد بمنع النحويين البدل من الموجب، لأن البدل يحل محل المبدل منه، فلو قلت: قام إلا زيد، لم يجز، لأن " إلا " لا تدخل في الموجب، وتأويله الإيجاب بالنفي يلزم في كل موجب باعتبار نفي ضده أو نقيضه، فيجوز إذن: " قام القوم إلا زيد "، على تأويل: " لم يجلسوا إلا زيد " ولم تبن العرب على ذلك كلامها، وإنما أجازوا: " قام القوم إلا زيد "، بالرفع على الصفة، وقد عقد سيبويه (6) لذلك بابا في كتابه. انتهى.
و (دمائكم): جمع دم، وهو اسم منقوص. أصله " دمي "، (ولا تخرجون أنفسكم