عسكرهم، فجعل عليهم مثل الظلة، واخرج الله تعالى البحر من ورائهم، وأضرم نارا من بين أيديهم، فأحاط بهم غضبه، وقيل لهم: خذوها، وعليكم الميثاق، ولا تضيعوها، وإلا سقط عليكم الجبل، وأغرقكم البحر، وأحرقتكم النار، فسجدوا، توبة لله سبحانه، وأخذوا التوراة بالميثاق، قال الطبري عن بعض العلماء: لو أخذوها أول مرة، لم يكن عليهم ميثاق، وكانت سجدتهم على شق، لأنهم كانوا يرقبون الجبل، خوفا، فلما رحمهم الله سبحانه، قالوا: لا سجدة أفضل من سجدة تقبلها الله، ورحم بها، فأمروا سجودهم على شق واحد.
قال * ع (1) *: والذي لا يصح سواه أن الله تعالى اخترع وقت سجودهم الإيمان في قلوبهم، لا أنهم آمنوا كرها، وقلوبهم غير مطمئنة، قال: وقد اختصرت ما سرد في قصص هذه الآية، وقصدت أصحه الذي تقتضيه ألفاظ الآية، وخلط بعض الناس صعقة هذه القصة بصعقة السبعين.
و (بقوة): قال ابن عباس: معناه: بجد واجتهاد (2).
وقال ابن زيد: معناه: بتصديق وتحقيق (2).
(واذكروا ما فيه)، أي: تدبروه واحفظوا أوامره ووعيده، ولا تنسوه، ولا تضيعوه.
وقوله تعالى: (ثم توليتم...) الآية: تولى: أصله الإعراض والإدبار عن الشئ بالجسم، ثم استعمل في الإعراض عن الأمور، والأديان، والمعتقدات، اتساعا ومجازا، وتوليهم من بعد ذلك: إما بالمعاصي، فكان فضل الله بالتوبة والإمهال إليها، وإما أن يكون توليهم بالكفر، فلم يعاجلهم سبحانه بالهلاك، ليكون من ذريتهم من يؤمن.
(و لقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (65) فجعلناها