تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٢٥١
الأخس، إلا أنه خففت همزته، وقال غيره: هو مأخوذ من الدون، أي: الأحط فأصله أدون، ومعنى الآية: أتستبدلون البقل، والقثاء، والفوم، والعدس، والبصل التي هي أدنى بالمن والسلوى الذي هو خير.
وجمهور الناس يقرءون " مصرا " بالتنوين (1)، قال مجاهد وغيره: أراد مصرا من الأمصار غير معين (2)، واستدلوا بما اقتضاه القرآن من أمرهم، بدخول القرية، وبما تظاهرت به الروايات، أنهم سكنوا الشام بعد التيه، وقالت طائفة: أراد مصر فرعون بعينها، واستدلوا بما في القرآن من أن الله أورث بني إسرائيل ديار آل فرعون وآثارهم، قال في " مختصر الطبري ": وعلى أن المراد مصر التي خرجوا منها، فالمعنى: أن الذي تطلبون كان في البلد الذي كان فيه عذابكم، واستعبادكم، وأسركم، ثم قال: والأظهر أنهم مذ خرجوا من مصر، لم يرجعوا إليها، والله أعلم. انتهى.
وقوله تعالى: (فإن لكم ما سألتم) يقتضي أنه وكلهم إلى أنفسهم، و (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) (3) معناه: الزموها، كما قالت العرب: ضربة لازب، (وباءوا بغضب): معناه: مروا متحملين له، قال الطبري: باءوا به، أي: رجعوا به، واحتملوه، ولا بد أن يوصل باء بخير أو بشر. انتهى.
وقوله تعالى: (ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق) الإشارة ب (ذلك) إلى ضرب الذلة وما بعده، وقوله تعالى: (بغير الحق) تعظيم

(1) و قرأ " مصر " بغير تنوين في هذه الآية الأعمش، كما في مختصر الشواذ لابن خالويه (ص 14).
كما قرأ بها طلحة بن مصرف و الحسن و أبان بن تغلب، و قيل: هي كذلك في مصحف أبي بن كعب و مصحف عبد الله و بعض مصاحف عثمان. كما في " البحر المحيط " (1 / 396 - 397)، و " الدر المصون " (1 / 241).
(2) أخرجه الطبري (1 / 354) برقم (1085) بلفظ: " مصرا من الأمصار، زعموا أنهم لم يرجعوا إلى مصر " اه‍.
(3) قوله تعالى: (الذلة و المسكنة) يعني: فقر النفس. قال السمين الحلبي: و المراد بها هنا الجزية و الصغار. " عمدة الحفاظ " (2 / 239). وقال الحسن و قتادة: (ضربت عليهم الذلة) هي أنهم يعطون الجزية عن يد و هم صاغرون، و قال عطاء بن السائب: هي الكستينج (لبس اليهود) وزي اليهودية، و (المسكنة): زي الفقر، فترى المثرى منهم يتباءس مخافة أن يضاعف عليه الجزية، و لا يوجد يهودي غني النفس.
ينظر: " الوسيط " (1 / 147)، و " الطبري " (2 / 137)، و " البغوي " (1 / 66)، و " ابن كثير " (1 / 102)، و " الدر المنثور " (1 / 73).
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست