وقوله: (لا ذلول تثير الأرض)، أي: غير مذللة بالعمل والرياضة، و (تثير الأرض) معناه: بالحراثة، وهي عند قوم جملة في موضع رفع على صفة البقرة، أي: لا ذلول مثيرة، وقال قوم: " تثير " فعل مستأنف والمعنى إيجاب الحرث، وأنها كانت تحرث، ولا تسقي، و (مسلمة): بناء مبالغة من السلامة، قال ابن عباس وغيره: معناه: من العيوب (1)، وقال مجاهد: معناه: من الشيات والألوان (2)، و قيل: من العمل (3).
و (لاشية فيها)، أي: لا خلاف في لونها، هي صفراء كلها، قاله ابن زيد وغيره، والموشى المختلط الألوان، و منه: وشي الثوب: تزينه بالألوان، والثور الأشيه الذي فيه بلقة، يقال: فرس أبلق، وكبش أخرج، وتيس أبرق، وكلب أبقع، وثور أشيه، كل ذلك بمعنى البلقة.
وهذه الأوصاف في البقرة سببها أنهم شددوا، فشدد الله عليهم، ودين الله يسر، والتعمق في سؤال الأنبياء مذموم، وقصة وجود هذه البقرة على ما روي، أن رجلا من بني إسرائيل ولد له ابن، وكانت له عجلة، فأرسلها في غيضة (4)، وقال: اللهم، إني قد استودعتك هذه العجلة لهذا الصبي، ومات الرجل، فلما كبر الصبي، قالت له أمه: إن أباك كان قد استودع الله عجلة لك، فاذهب، فخذها، فلما رأته البقرة، جاءت إليه، حتى أخذ بقرنيها، وكانت مستوحشة، فجعل يقودها نحو أمه، فلقيه بنو إسرائيل، ووجدوا بقرته على الصفة التي أمروا بها، فلما وجدت البقرة، ساموا صاحبها، فاشتط عليهم، فأتوا به موسى عليه السلام وقالوا له: إن هذا اشتط علينا، فقال لهم موسى: أرضوه في ملكه. / فاشتروها منه بوزنها مرة، قاله عبيد السلماني (5)،