عباس: في " كف أيدي الناس عنكم " يعني عيينة بن حصن الفزاري وعوف بن مالك النضري ومن كان معهما، إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر والنبي صلى الله عليه وسلم محاصر لهم، فألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب وكفهم عن المسلمين " ولتكون آية للمؤمنين " أي ولتكون هزيمتهم وسلامتكم آية للمؤمنين، فيعلموا أن الله يحرسهم في مشهدهم ومغيبهم. وقيل:
أي ولتكون كف أيديهم عنكم آية للمؤمنين. وقيل: أي ولتكون هذه التي عجلها لكم آية للمؤمنين على صدقك حيث وعدتهم أن يصيبوها. والواو في " ولتكون " مقحمة عند الكوفيين.
وقال البصريون: عاطفة على مضمر، أي وكف أيدي الناس عنكم لتشكروه ولتكون آية للمؤمنين. " ويهديكم صراط مستقيما " أي يزيدكم هدى، أو يثبتكم على الهداية.
قوله تعالى: وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا (21) قوله تعالى: " وأخرى " " أخرى " معطوفة على " هذه "، أي فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى. " لم تقدر عليها قد أحاط الله بها " قال ابن عباس: هي الفتوح التي فتحت على المسلمين، كأرض فارس والروم، وجميع ما فتحه المسلمون. وهو قول الحسن ومقاتل وابن أبي ليلى. وعن ابن عباس أيضا والضحاك وابن زيد وابن إسحاق: هي خيبر، وعدها الله نبيه قبل أن يفتحها، ولم يكونوا يرجونها حتى أخبرهم الله بها. وعن الحسن أيضا وقتادة: هو فتح مكة. وقال عكرمة: حنين، لأنه قال " لم تقدروا عليها ".
وهذا يدل على تقدم محاولة لها وفوات درك المطلوب في الحال كما كان في مكة، قاله القشيري.
وقال مجاهد: هي ما يكون إلى يوم القيامة. ومعنى " قد أحاط الله بها " أي أعدها لكم، فهي كالشئ الذي قد أحيط به من جوانبه، فهو محصور لا يفوت، فأنتم وإن لم تقدروا عليها في الحال فهي محبوسة عليكم لا تفوتكم. وقيل: " أحاط الله بها " علم أنها ستكون لكم، كما قال " وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " (1) [الطلاق: 12]. وقيل: حفظها الله عليكم. ليكون فتحها لكم. " وكان الله على كل شئ قديرا ".