وقال سيبويه: معناه لا ترى أشخاصهم إلا مساكنهم. واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة عاصم وحمزة. قال الكسائي: معناه لا يرى شئ إلا مساكنهم، فهو محمول على المعنى، كما تقول: ما قام إلا هند، والمعنى ما قام أحد إلا هند. وقال الفراء: لا يرى الناس لأنهم كانوا تحت الرمل، وإنما ترى مساكنهم لأنها قائمة. " كذلك نجزي القوم المجرمين " أي مثل هذه العقوبة نعاقب بها المشركين.
قوله تعالى: ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئ إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (26) قوله تعالى: " ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه " قيل: إن " إن " زائدة، تقديره ولقد مكناهم فيما مكناكم فيه. وهذا قول القتبي.
وأنشد الأخفش:
يرجي المرء ما إن لا يراه * وتعرض دون أدناه الخطوب وقال آخر:
فما إن طبنا جبن ولكن * منايانا ودولة آخرينا (1) وقيل: إن " ما " بمعنى الذي. و " إن " بمعنى ما، والتقدير ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه، قاله المبرد. وقيل: شرطية وجوابها مضمر محذوف، والتقدير ولقد مكناهم في ما إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر وعنادكم أشد، وتم الكلام. ثم ابتدأ فقال: " وجعلنا لهم سمعا وأبصار وأفئدة " يعني قلوبا يفقهون بها. " فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئ " من عذاب الله. " إذ كانوا يجحدون " يكفرون " بآيات الله وحاق بهم " أحاط بهم. " ما كانوا به يستهزئون ".