أشراط الساعة فهو عام على ما تقدم. " هذا عذاب أليم " أي يقول الله لهم: " هذا عذاب أليم ". فمن قال: إن الدخان قد مضى فقوله: " هذا عذاب أليم " حكاية حال ماضية، ومن جعله مستقبلا فهو حكاية حال آتية. وقيل: " هذا " بمعنى ذلك. وقيل:
أي يقول الناس لذلك الدخان: " هذا عذاب أليم ". وقيل: هو إخبار عن دنو الامر، كما تقول: هذا الشتاء فأعد له.
قوله تعالى: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (12) أي يقولون ذلك، اكشف عنا العذاب ف " إنا مؤمنون "، أي نؤمن بك إن كشفته عنا. قيل: إن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن كشف الله عنا هذا العذاب أسلمنا، ثم نقضوا هذا القول. قال قتادة: " العذاب " هنا الدخان. وقيل: الجوع، حكاه النقاش.
قلت: ولا تناقض، فإن الدخان لم يكن إلا من الجوع الذي أصابهم، على ما تقدم.
وقد يقال للجوع والقحط: الدخان، ليبس الأرض في سنة الجدب وارتفاع الغبار بسبب قلة الأمطار، ولهذا يقال لسنة الجدب: الغبراء. وقيل: إن العذاب هنا الثلج. قال الماوردي وهذا لا وجه له، لان هذا إنما يكون في الآخرة أو في أهل مكة، ولم تكن مكة من بلاد الثلج، غير أنه مقول فحكيناه.
قوله تعالى: أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين (13) ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون (14) قوله تعالى: " أنى لهم الذكرى " أي من أين يكون لهم التذكر والاتعاظ عند حلول العذاب. " وقد جاءهم رسول مبين " يبين لهم الحق، والذكرى والذكر واحد، قاله البخاري.
" ثم تولوا عنه " أي أعرضوا. قال ابن عباس: أي متى يتعظون والله أبعدهم من الاتعاظ والتذكر بعد توليهم عن محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم إياه. وقيل: أي أنى ينفعهم