قوله تعالى: " ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون " قرأ نافع " نحشر " بالنون " أعداء " بالنصب. الباقون " يحشر " بياء مضمومة " أعداء " بالرفع ومعناهما بين. وأعداء الله: الذين كذبوا رسله وخالفوا أمره. " فهم يوزعون " يساقون ويدفعون إلى جهنم. قال قتادة والسدي: يحبس أولهم عل آخرهم حتى يجتمعوا، قال أبو الأحوص: فإذا تكاملت العدة بدئ بالأكابر فالأكابر جرما. وقد مضى في " النمل " (1) الكلام في " يوزعون " [النمل: 17] مستوفى.
قوله تعالى: " حتى إذا جاءوها " " ما " زائدة " شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون " الجلود يعني بها الجلود أعيانها في قول أكثر المفسرين وقال السدي وعبيد الله بن أبي جعفر والفراء: أراد بالجلود الفروج، وأنشد بعض الأدباء لعامر بن جوية:
المرء يسعى للسلامة * والسلامة حسبه (2) أو سالم من قد تثنى * جلده وابيض رأسه وقال: جلده كناية عن فرجه.
" وقالوا " يعنى الكفار " لجلودهم لم شهدتم علينا " وإنما كنا نجادل عنكم " قالوا انطلقنا الله الذي انطق كل شئ " لما خاطبت وخوطبت أجريت مجرى من يعقل. " وهو خالقكم أول مرة " أي ركب الحياة فيكم بعد أن كنتم نطفا، فمن قدر عليه قدر على أن ينطق الجلود وغيرها من الأعضاء. وقيل: " وهو خلقكم أول مرة " ابتداء كلام من الله. " واليه ترجعون " وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فضحك فقال: " هل تدرون مم أضحك " قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:
" من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجزني من الظلم قال: يقول بلى قال فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني قال يقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا قال فيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله قال ثم يخلي بينه وبين الكلام قال فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل " وفي حديث أبي هريرة ثم يقال: " الآن نبعث شاهدنا