القرآن منزل من عند الله. وقال مجاهد: أي يعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل.
وقيل: يعلمون العربية فيعجزون عن مثله ولو كان غير عربي لما علموه.
قلت: هذا أصح، والسورة نزلت تقريعا وتوبيخا لقريش في إعجاز القرآن. " بشيرا ونذيرا " حالان من الآيات والعامل فيه " فصلت ". وقيل: هما نعتان للقرآن " بشيرا " لأولياء الله " نذيرا " لأعدائه. وقرئ " بشير ونذير " صفة للكتاب. أو خبر مبتدأ محذوف " فأعرض أكثرهم " يعني أهل مكة " فهم لا يسمعون " سماعا ينتفعون به. وروي أن الريان بن حرملة قال: قال الملأ من قريش وأبو جهل قد التبس علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم آتانا ببيان من أمره، فقال عتبة ابن ربيعة: والله لقد سمعت الكهانة والشعر والسحر، وعلمت من ذلك علما لا يخفى علي إن كان كذلك. فقالوا: إيته فحدثه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:
يا محمد أنت خير أم قصي بن كلاب؟ أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟
أنت خير أم عبد الله؟ فبم تشتم آلهتنا، وتضلل آباءنا، وتسفه أحلامنا، وتذم ديننا؟
فإن كنت إنما تريد الرياسة عقدنا إليك ألويتنا فكنت رئيسنا ما بقيت، وإن كنت تريد الباءة زوجناك عشر نساء من أي بنات قريش شئت، وإن كنت تريد المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا من الجن قد غلب عليك بذلنا لك أموالنا في طلب ما تتداوى به أو نغلب فيك. والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال: " قد فرغت يا أبا الوليد " قال: نعم. (قال فاسمع منى) (1) قال يا بن أخي أسمع. قال " بسم الله الرحمن الرحيم. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم.
كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون " إلى قول: " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " [فصلت: 13] فوثب عتبة ووضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم، وناشده الله والرحم ليسكتن، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش فجاءه أبو جهل، فقال: