أصحابه وقومه، وهو كقوله: " فبأي حديث بعده يؤمنون " وقوله: " أفمن هذا الحديث تعجبون " وقوله: فذرني ومن يكذب بهذا الحديث " [القلم: 4 4] قال القشيري: وتوهم قوم أن الحديث من الحدوث فيدل على أن كلامه محدث وهو وهم، لأنه لا يريد لفظ الحديث على ما في قوله:
" ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " وقد قالوا: إن الحدوث يرجع إلى التلاوة لا إلى المتلو، وهو كالذكر مع المذكور إذا ذكرنا أسماء الرب تعالى. " كتابا " نصب على البدل من " أحسن الحديث " ويحتمل أن يكون حالا منه. " متشابها " يشبه بعضه بعضا في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف. وقال قتادة: يشبه بعضه بعضا في الآي والحروف. وقيل: يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه، لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب وإن كان أعم وأعجز. ثم وصفه فقال: " مثاني " تثنى فيه القصص والمواعظ والأحكام وثنى للتلاوة فلا يمل. " تقشعر " تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد. " ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " أي عند آية الرحمة. وقيل:
إلى العمل بكتاب الله والتصديق به. وقيل: " إلى ذكر الله " يعنى الاسلام.
الثانية - عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قرى عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم.
قيل لها: فان أناسا اليوم إذا قرى عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه. فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وقال سعيد بن عبد الرحمن الجمحي: مر ابن عمر برجل من أهل القرآن ساقطا فقال: ما بال هذا؟ قالوا: إنه إذا قرى عليه القرآن وسمع ذكر الله سقط. فقال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط. ثم قال: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى الله عليه سلم. وقال عمر بن عبد العزيز: ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرى عليهم القرآن فقال: بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطا رجليه، ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره فان رمى بنفسه فهو صادق. وقال أبو عمران