هكذا قال المحدث - أحب إلي من أن أضحي به. وهذا قول الشعبي إن الصدقة أفضل.
وبه قال مالك وأبو ثور. وفيه قول ثان: إن الضحية أفضل، هذا قول ربيعة وأبي الزناد. وبه قال أصحاب الراء ي. زاد أبو عمر وأحمد بن حنبل قالوا: الضحية أفضل من الصدقة، لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد. ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل. وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله. فال أبو عمر: وقد روي في فضل الضحايا آثار حسان، فمنها ما رواه سعيد بن داود بن أبي زنبر عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من نفقة بعد صلة الرحم أفضل عند الله من إهراق الدم " قال أبو عمر: وهو حديث غريب من حديث مالك. وعن عائشة قالت: يا أيها الناس ضحوا وطيبوا أنفسا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة فإن الدم إن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة " ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد. وخرج الترمذي أيضا عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض فطيبوا بها نفسا " قال: وفى الباب عن عمران بن حصين وزيد بن أرقم. وهذا حديث حسن.
العاشرة - إن الضحية ليست بواجبة ولكنها سنة ومعروف. وقال عكرمة: كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين اشتري له لحما، ويقول: من لقيت فقل هذه أضحية ابن عباس. قال أبو عمر: ومحمل هذا وما روي عن أبي بكر وعمر أنهما لا يضحيان عند أهل العلم، لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم، لأنهم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم. وقد حكى الطحاوي في مختصره: وقال