الكتاب الأول، فمن كان في الكتاب الأول شقيا عمر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم بالشرك، ومن كان في الكتاب الأول سعيدا عمر حتى يجري عليه القلم فيصير سعيدا، ومن مات صغيرا من أولاد المسلمين قبل أن يجري عليه القلم فهم مع آبائهم في الجنة، ومن كان من أولاد المشركين فمات قبل أن يجري عليه القلم فليس يكونون مع آبائهم، لأنهم ماتوا على الميثاق الأول الذي أخذ عليهم في صلب آدم ولم ينقض الميثاق.
ذهب إلى هذا جماعة من أهل التأويل، وهو يجمع بين الأحاديث، ويكون معنى قوله عليه السلام لما سئل عن أولاد المشركين فقال: (الله أعلم بما كانوا عاملين) يعني لو بلغوا.
ودل على هذا التأويل أيضا حديث البخاري عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث الطويل حديث الرؤيا، وفيه قوله عليه السلام: (وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإبراهيم عليه السلام، وأما الولدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة). قال فقيل: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأولاد المشركين). وهذا نص يرفع الخلاف، وهو أصح شئ روي في هذا الباب، وغيره من الأحاديث فيها علل وليست من أحاديث الأئمة الفقهاء، قاله أبو عمر بن عبد البر. وقد روي من حديث أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: (لم تكن لهم حسنات فيجزوا بها فيكونوا من ملوك الجنة، ولم تكن لهم سيئات فيعاقبوا عليها فيكونوا من أهل النار، فهم خدم لأهل الجنة) ذكره يحيى بن سلام في التفسير له. وقد زدنا هذه المسألة بيانا في كتاب التذكرة، وذكرنا في كتاب المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس ما ذكره أبو عمر من ذلك، والحمد لله. وذكر إسحاق بن راهويه قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: أخبرنا جرير بن حازم عن أبي رجاء العطاردي قال: سمعت ابن عباس يقول: لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا أو متقاربا - أو كلمة تشبه هاتين - حتى يتكلموا أو ينظروا في الأطفال والقدر. قال يحيى بن آدم فذكرته لابن المبارك فقال: أيسكت الانسان على الجهل؟ قلت: فتأمر بالكلام؟
قال فسكت. وقال أبو بكر الوراق: " فطرة الله التي فطر الناس عليها " هي الفقر والفاقة، وهذا حسن، فإنه منذ ولد إلى حين يموت فقير محتاج، نعم! وفي الآخرة.