حين لا ينفعهم الاقرار، أي قالوا قال الحق. وقراءة العامة " فزع عن قلوبهم ". وقرأ ابن عباس " فزع عن قلوبهم " مسمى الفاعل وفاعله ضمير يرجع إلى اسم الله تعالى. ومن بناه للمفعول فالجار والمجرور في موضع رفع، والفعل في المعنى لله تبارك وتعالى، والمعنى في القراءتين:
أزيل الفزع عن قلوبهم، حسبما تقدم بيانه. ومثله: أشكاه، إذا أزال عنه ما يشكوه.
وقرأ الحسن: " فزع " مثل قراءة العامة، إلا أنه خفف الزاي، والجار والمجرور في موضع رفع أيضا، وهو كقولك: انصرف عن كذا إلى كذا. وكذا معنى " فرغ " بالراء والغين المعجمة والتخفيف، غير مسمى الفاعل، رويت عن الحسن أيضا وقتادة. وعنهما أيضا " فرغ " بالراء والغين المعجمة مسمى الفاعل، والمعنى: فرغ الله تعالى قلوبهم أي كشف عنها، أي فرغها من الفزع والخوف، وإلى ذلك يرجع البناء للمفعول على هذه القراءة. وعن الحسن أيضا " فرغ " بالتشديد.
قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين (24) قوله تعالى: (قل من يرزقكم من السماوات الأرض) لما ذكر أن آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة مما يقدر عليه الرب قرر ذلك فقال: قل يا محمد للمشركين " من يرزقكم من السماوات والأرض " أي من يخلق لكم هذه الأرزاق الكائنة من السماوات، أي عن المطر والشمس والقمر والنجوم وما فيها من المنافع. " والأرض " أي الخارجة من الأرض عن الماء والنبات - أي لا يمكنهم أن يقولوا هذا فعل آلهتنا - فيقولون لا ندري، فقل إن الله يفعل ذلك الذي يعلم ما في نفوسكم. وإن قالوا: إن الله يرزقنا فقد تقررت الحجة بأنه الذي ينبغي أن يعبد.
(وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) هذا على وجه الانصاف في الحجة، كما يقول القائل: أحدنا كاذب، وهو يعلم أنه صادق وأن صاحبه كاذب. والمعنى: ما نحن وأنتم على أمر واحد، بل على أمرين متضادين، وأحد الفريقين مهتد وهو نحن والآخر ضال وهو أنتم،