قوله تعالى: وإذ ا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون (33) قوله تعالى: (وإذا مس الناس ضر) أي قحط وشدة (دعوا ربهم) أن يرفع ذلك عنهم (منيبين إليه) قال ابن عباس: مقبلين عليه بكل قلوبهم لا يشركون. ومعنى هذا الكلام التعجب، عجب نبيه من المشركين في ترك الإنابة إلى الله تعالى مع تتابع الحجج عليهم، أي إذا مس هؤلاء الكفار ضر من مرض وشدة دعوا ربهم، أي استغاثوا به في كشف ما نزل بهم، مقبلين عليه وحده دون الأصنام، لعلمهم بأنه لا فرج عندها. (ثم إذا أذاقهم منه رحمة) أي عافية ونعمة. (إذا فريق منهم بربهم يشركون) أي يشركون به في العبادة.
قوله تعالى: ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون (34) قوله تعالى: (ليكفروا بما آتيناهم) قيل: هي لام كي. وقيل: هي لام أمر فيه معنى التهديد، كما قال عز وجل: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " (1) [الكهف: 29]. (فتمتعوا فسوف تعلمون) تهديد ووعيد. وفي مصحف عبد الله " وليتمتعوا "، أي مكناهم من ذلك لكي يتمتعوا، فهو إخبار عن غائب، مثل: " ليكفروا ". وهو على خط المصحف خطاب بعد الاخبار عن غائب، أي تمتعوا أيها الفاعلون لهذا.
قوله تعالى: أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون (35) قوله تعالى: (أم أنزلنا عليهم سلطانا) استفهام فيه معنى التوقيف. قال الضحاك:
" سلطانا " أي كتابا، وقاله قتادة والربيع بن أنس. وأضاف الكلام إلى الكتاب توسعا.
وزعم الفراء أن العرب تؤنث السلطان، تقول: قضت به عليك السلطان. فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح، وبه جاء القرآن، والتأنيث عندهم جائز لأنه بمعنى الحجة، أي حجة