قال حذيفة: فانتهيت إليهم وإذا نيرانهم تتقد، فأقبلت ريح شديدة فيها حصباء فما تركت لهم نارا إلا أطفأتها ولا بناء إلا طرحته، وجعلوا يتترسون من الحصباء. وقام أبو سفيان إلى راحلته وصاح في قريش: النجاء النجاء! وفعل كذلك عيينة بن حصن والحارث بن عوف والأقرع ابن حابس. وتفرقت الأحزاب، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاد إلى المدينة وبه من الشعث ما شاء الله، فجاءته فاطمة بغسول فكانت تغسل رأسه، فأتاه جبريل فقال:
(وضعت السلاح ولم تضعه أهل السماء، ما زلت أتبعهم حتى جاوزت بهم الروحاء - ثم قال - انهض إلى بني قريظة). وقال أبو سفيان: ما زلت أسمع قعقعة السلاح حتى جاوزت الروحاء.
قوله تعالى: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (23) ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما (24) قوله تعالى: (من المؤمنين رجال) رفع بالابتداء، وصلح الابتداء بالنكرة لان " صدقوا " في موضع النعت. (فمنهم من قضى نحبه) " من " في موضع رفع بالابتداء.
وكذا " ومنهم من ينتظر " والخبر في المجرور. والنحب: النذر والعهد، تقول منه: نحبت انحب، بالضم. قال الشاعر:
وإذا نحبت كلب على الناس إنهم * أحق بتاج الماجد المتكرم وقال آخر:
* قد نحب المجد علينا نحبا (1) * وقال آخر:
* أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (2) *