قوله تعالى: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا (60) ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا (61) سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا (62) فيه خمس مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (لئن لم ينته المنافقون) الآية. أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشئ واحد، كما روى سفيان بن سعيد عن منصور عن أبي رزين قال: " المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة " قال هم شئ واحد، يعني أنهم قد جمعوا هذه الأشياء. والواو مقحمة، كما قال:
إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم أراد إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة، وقد مضى في " البقرة " (1). وقيل: كان منهم قوم يرجفون، وقوم يتبعون النساء للريبة وقوم يشككون المسلمين. قال عكرمة وشهر ابن حوشب: " الذين في قلوبهم مرض " يعني الذين في قلوبهم الزنى. وقال طاوس:
نزلت هذه الآية في أمر النساء. وقال سلمة بن كهيل: نزلت في أصحاب الفواحش، والمعنى متقارب. وقيل: المنافقون والذين في قلوبهم مرض شئ واحد، عبر عنهم بلفظين، دليله آية المنافقين في أول سورة " البقرة " (1). والمرجفون في المدينة قوم كانوا يخبرون المؤمنين بما يسوءهم من عدوهم، فيقولون إذا خرجت سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم قد قتلوا أو هزموا، وإن العدو قد أتاكم، قال قتادة وغيره. وقيل كانوا يقولون: أصحاب الصفة قوم عزاب، فهم الذين يتعرضون للنساء. وقيل: هم قوم من المسلمين ينطقون بالاخبار الكاذبة حبا للفتنة. وقد كان في أصحاب الإفك قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حبا