قوله تعالى: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله) أي هذا الذي مضى ذكره من أمر داود وسليمان وقصة سبأ من آثار قدرتي، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين هل عند شركائكم قدرة على شئ من ذلك. وهذا خطاب توبيخ، وفيه إضمار: أي ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة لكم من دون الله لتنفعكم أو لتدفع عنكم ما قضاه الله تبارك وتعالى عليكم، فإنهم لا يملكون ذلك، و (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير) أي ما لله من هؤلاء من معين على خلق شئ، بل الله المنفرد بالايجاد، فهو الذي يعبد، وعبادة غيره محال.
قوله تعالى: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير (33) قوله تعالى: (ولا تنفع الشفاعة) أي شفاعة الملائكة وغيرهم. (عنده) أي عند الله.
(إلا لمن أذن له) قراءة العامة " أذن " بفتح الهمزة، لذكر الله تعالى أولا. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي " أذن " بضم الهمزة على ما لم يسم فاعله. والآذن هو الله تعالى. و " من يجوز أن ترجع إلى الشافعين، ويجوز أن ترجع إلى المشفوع لهم. (حتى إذا فزع عن قلوبهم) قال ابن عباس: خلي عن قلوبهم الفزع. قطرب: أخرج ما فيها من الخوف. مجاهد: كشف عن قلوبهم الغطاء يوم القيامة، أي إن الشفاعة لا تكون من أحد هؤلاء المعبودين من دون الله من الملائكة والأنبياء والأصنام، إلا أن الله تعالى يأذن للأنبياء والملائكة في الشفاعة وهم على غاية الفزع من الله، كما قال: " وهم من خشيته مشفقون " (1) [الأنبياء: 28] والمعنى: أنه إذا أذن لهم في الشفاعة وورد عليهم كلام الله فزعوا، لما يقترن بتلك الحال من الامر الهائل والخوف أن يقع في تنفيذ ما أذن لهم فيه تقصير، فإذا سرى عنهم قالوا للملائكة فوقهم وهم الذين يوردون عليهم الوحي بالاذن: (ماذا قال ربكم) أي ماذا أمر الله به، فيقولون لهم: (قالوا الحق) وهو أنه أذن لكم في الشفاعة للمؤمنين. (وهو العلي الكبير) فله أن يحكم في عباده بما