قوله تعالى: فأقم وجهك حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (30) قوله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قال الزجاج: " فطرة " منصوب بمعنى اتبع فطرة الله. قال: لان معنى " فأقم وجهك للدين " اتبع الدين الحنيف واتبع فطرة الله. وقال الطبري: " فطرة الله " مصدر من معنى: " فأقم وجهك " لان معنى ذلك: فطر الله الناس على ذلك فطرة. وقيل: معنى ذلك اتبعوا دين الله الذي خلق الناس له، وعلى هذا القول يكون الوقف على " حنيفا " تاما.
وعلى القولين الأولين يكون متصلا، فلا يوقف على " حنيفا ". وسميت الفطرة دينا لان الناس يخلقون له، قال عز وجل: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " (1) [الذاريات:]. ويقال:
" عليها " بمعنى لها، كقوله تعالى: " وإن أسأتم فلها " (2) [الاسراء:]. والخطاب ب " - أقم وجهك " للنبي صلى الله عليه وسلم، أمره بإقامة وجهه للدين المستقيم، كما قال: " فأقم وجهك للدين القيم " (3) [الروم:] وهو دين الاسلام. وإقامة الوجه هو تقويم المقصد والقوة على الجد في أعمال الدين، وخص الوجه بالذكر لأنه جامع حواس الانسان وأشرفه. ودخل في هذا الخطاب أمته باتفاق من أهل التأويل. و " حنيفا " معناه معتدلا مائلا عن جميع الأديان المحرفة المنسوخة.
الثانية - في الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من مولود إلا يولد على الفطرة - في رواية) على هذه الملة - أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء (4) هل تحسون فيها من جدعاء) ثم يقول أبو هريرة:
واقرؤوا إن شئتم، " فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله "، في رواية: (حتى