المهدوي: وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات. والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم وتأخير وعيدهم، وقد مضى هذا في " آل عمران " (1) وغيرها.
قوله تعالى: يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا (63) قوله تعالى: (يسألك الناس عن الساعة) هؤلاء المؤذون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما توعدوا بالعذاب سألوا عن الساعة، استبعادا وتكذيبا، موهمين أنها لا تكون.
(قل إنما علمها عند الله) أي أجبهم عن سؤالهم وقل علمها عند الله، وليس إخفاء الله وقتها عني ما يبطل نبوتي، وليس من شرط النبي أن يعلم الغيب بغير تعليم من الله عز وجل.
(وما يدريك) أي ما يعلمك. (لعل الساعة تكون قريبا) أي في زمان قريب. وقال صلى الله عليه وسلم: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وأشار إلى السبابة والوسطى، خرجه أهل الصحيح. وقيل: أي ليست الساعة تكون قريبا، فحذف هاء التأنيث ذهابا بالساعة إلى اليوم، كقوله: " إن رحمة الله قريب من المحسنين " [الأعراف: 56] ولم يقل قريبة ذهابا بالرحمة إلى العفو، إذ ليس تأنيثها أصليا. وقد مضى هذا مستوفي (2). وقيل: إنما أخفى وقت الساعة ليكون العبد مستعدا لها في كل وقت قوله تعالى: إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا (64) خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا (65) قوله تعالى: (إن الله لعن الكافرين) أي طردهم وأبعدهم. واللعن: الطرد والابعاد عن الرحمة. وقد مضى في " البقرة " (3) بيانه. (وأعد لهم سعيرا. خالدين فيها أبدا) أنث السعير لأنها بمعنى النار. (لا يجدون وليا ولا نصيرا) ينجيهم من عذاب الله والخلود فيه.