قوله تعالى: ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (6) فيه خمس مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث) " من " في موضع رفع بالابتداء. و " لهو الحديث ": الغناء، في قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما.
النحاس: وهو ممنوع بالكتاب والسنة، والتقدير: من يشتري ذا لهو أو ذات لهو، مثل:
" واسأل القرية " (1) [يوسف: 82]. أو يكون التقدير: لما كان إنما اشتراها يشتريها ويبالغ في ثمنها كأنه اشتراها للهو (2).
قلت: هذه إحدى الآيات الثلاث التي استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه.
والآية الثانية قوله تعالى: " وأنتم سامدون " (3) [النجم: 61]. قال ابن عباس: هو الغناء بالحميرية، اسمدي لنا، أي غني لنا. والآية الثالثة قوله تعالى: " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " (4) [الاسراء: 64] قال مجاهد:
الغناء والمزامير. وقد مضى في " سبحان " (4) الكلام فيه. وروى الترمذي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " إلى آخر الآية. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة، والقاسم ثقة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث، قاله محمد بن إسماعيل. قال ابن عطية: وبهذا فسر ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد، وذكره أبو الفرج الجوزي عن الحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعي.