قوله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله) ضمت " أي " لأنه نداء مفرد، والتنبيه لازم لها.
و " النبي " نعت لأي عند النحويين، إلا الأخفش فإنه يقول: إنه صلة لأي. مكي:
ولا يعرف في كلام العرب اسم مفرد صلة لشئ. النحاس: وهو خطأ عند أكثر النحويين، لان الصلة لا تكون إلا جملة، والاحتيال له فيما قال إنه لما كان نعتا لازما سمي صلة، وهكذا الكوفيون يسمون نعت النكرة صلة لها. ولا يجوز نصبه على الموضع عند أكثر النحويين. وأجازه المازني، جعله كقولك: يا زيد الظريف، بنصب " الظريف " على موضع زيد. مكي: وهذا نعت يستغنى عنه، ونعت " أي " لا يستغنى عنه فلا يحسن نصبه على الموضع. وأيضا فإن نعت " أي " هو المنادى في المعنى فلا يحسن نصبه. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان يحب إسلام اليهود: قريظة والنضير وبني قينقاع، وقد تابعه (1) ناس منهم على النفاق، فكان يلين لهم جانبه، ويكرم صغيرهم وكبيرهم، وإذا أتى منهم قبيح تجاوز عنه، وكان يسمع منهم، فنزلت. وقيل، إنها نزلت فيما ذكر الواحدي والقشيري والثعلبي والماوردي وغيرهم في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور عمرو (2) بن سفيان، نزلوا المدينة على عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين بعد أحد، وقد أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يكلموه، فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وعنده عمر ابن الخطاب: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة، وقل إن لها شفاعة ومنعة (3) لمن عبدها، وندعك وربك. فشق على النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا. فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي في قتلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني قد أعطيتهم الأمان) فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا من المدينة، فنزلت الآية. " يا أيها النبي اتق الله " أي خف الله.
(ولا تطع الكافرين) من أهل مكة، يعني أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة. (والمنافقين) من أهل المدينة، يعني عبد الله بن أبي وطعمة و عبد الله بن سعد بن أبي سرح فيما نهيت عنه،