في غيره نزعة ثم عاد إلى شأنه الأول، فقالوا ذلك عنه فأكذبهم الله عز وجل. وقيل: نزلت في عبد الله بن خطل. وقال الزهري وابن حبان: نزل ذلك تمثيلا في زيد بن حارثة لما تبناه النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: كما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا يكون ولد واحد لرجلين. قال النحاس: وهذا قول ضعيف لا يصح في اللغة، وهو من منقطعات الزهري، رواه معمر عنه. وقيل: هو مثل ضرب للمظاهر، أي كما لا يكون للرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى تكون له أمان. وقيل: كان الواحد من المنافقين يقول: لي قلب يأمرني بكذا، وقلب يأمرني بكذا، فالمنافق ذو قلبين، فالمقصود رد النفاق. وقيل: لا يجتمع الكفر والايمان بالله تعالى في قلب، كما لا يجتمع قلبان في جوف، فالمعنى: لا يجتمع اعتقادان متغايران في قلب. ويظهر من الآية بجملتها نفي أشياء كانت العرب تعتقدها في ذلك الوقت، وإعلام بحقيقة الامر، والله أعلم.
الثانية - القلب بضعة (1) صغيرة على هيئة الصنوبرة، خلقها الله تعالى في الآدمي وجعلها محلا للعلم، فيحصى به العبد من العلوم ما لا يسع في أسفار، يكتبه الله تعالى فيه بالخط الإلهي، ويضبطه فيه بالحفظ الرباني، حتى يحصيه ولا ينسى منه شيئا. وهو بين لمتين: (2) لمة من الملك، ولمة من الشيطان، كما قال صلى الله عليه وسلم. خرجه الترمذي، وقد مضى في " البقرة " (3).
وهو محل الخطرات والوساوس ومكان الكفر والايمان، وموضع الاصرار والإنابة، ومجرى الانزعاج والطمأنينة (4). والمعنى في الآية: أنه لا يجتمع في القلب الكفر والايمان، والهدى والضلال، والإنابة والاصرار، وهذا نفي لكل ما توهمه أحد في ذلك من حقيقة أو مجاز، والله أعلم.
الثالثة - أعلم الله عز وجل في هذه الآية أنه لا أحد بقلبين، ويكون في هذا طعن على المنافقين الذين تقدم ذكرهم، أي إنما هو قلب واحد، فإما فيه إيمان وإما فيه كفر، لان