ابن عبيد. وقيل في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم فلا تكن في مرية من لقائه، فجاء معترضا بين " ولقد آتينا موسى الكتاب " وبين " وجعلناه هدى لبني إسرائيل ". والضمير في " وجعلناه " فيه وجهان: أحدهما: جعلنا موسى، قاله قتادة. الثاني - جعلنا الكتاب، قاله الحسن. (وجعلنا منهم أئمة) أي قادة وقدوة يقتدى بهم في دينهم. والكوفيون يقرءون " أئمة " النحاس: وهو لحن عند جميع النحويين، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة، وهو من دقيق النحو.
وشرحه: أن الأصل " أأممة " لم ألقيت حركة الميم على الهمزة وأدغمت الميم، وخففت الهمزة الثانية لئلا يجتمع همزتان، والجمع بين همزتين في حرفين بعيد، فأما في حرف واحد فلا يجوز إلا تخفيف الثانية نحو قولك: آدم وآخر. ويقال: هذا أوم من هذا وأيم، بالواو والياء. وقد مضى هذا في " براءة " (1) والله تعالى أعلم. " يهدون بأمرنا " أي يدعون الخلق إلى طاعتنا. " بأمرنا " أي أمرناهم بذلك. وقيل: " بأمرنا " أي لامرنا، أي يهدون الناس لديننا. ثم قيل: المراد الأنبياء عليهم السلام، قاله قتادة. وقيل: المراد الفقهاء والعلماء. " لما صبروا " قراءة العامة " لما " بفتح اللام وتشديد الميم وفتحها، أي حين صبروا. وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب: " لما صبروا " أي لصبرهم جعلناهم أئمة. واختاره أبو عبيد اعتبارا بقراءة ابن مسعود " بما صبروا " بالباء. وهذا الصبر صبر على الدين وعلى البلاء. وقيل: صبروا عن الدنيا. (إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة) أي يقضي ويحكم بين المؤمنين والكفار، فيجازي كلا بما يستحق.
وقيل: يقضي بين الأنبياء وبين قومهم، حكاه النقاش.
قوله تعالى: أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون (26)