قوله تعالى: (ولأوضعوا خلالكم) المعنى لأسرعوا فيما بينكم بالافساد. والايضاع، سرعة السير. وقال الراجز: (1) يا ليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع يقال: وضع البعير إذا عدا، يضع وضعا ووضوعا (2) إذا أسرع السير. وأوضعته حملته على العدو. وقيل: الايضاع سير مثل الخبب. والخلل الفرجة بين الشيئين، والجمع الخلال، أي الفرج التي تكون بين الصفوف. أي لأوضعوا خلالكم بالنميمة وإفساد ذات البين.
(يبغونكم الفتنة) مفعول ثان. والمعنى يطلبون لكم الفتنة، أي الافساد والتحريض.
ويقال: أبغيته كذا أعنته على طلبه، وبغيته كذا طلبته له. وقيل: الفتنة هنا الشرك.
(وفيكم سماعون لهم) أي عيون لهم ينقلون إليهم الاخبار منكم. قتادة: وفيكم من يقبل منهم قولهم ويطيعهم. النحاس: القول الأول أولى، لأنه الأغلب من معنييه أن معنى سماع يسمع الكلام: ومثله " سماعون للكذب " (3) [المائدة: 41]. والقول الثاني: لا يكاد يقال فيه إلا سامع، مثل قائل.
قوله تعالى: لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون (4) قوله تعالى: (لقد ابتغوا الفتنة من قبل) أي لقد طلبوا الافساد والخبال من قبل أن يظهر أمرهم، وينزل الوحي بما أسروه وبما سيفعلونه. وقال ابن جريج: أراد اثني عشر رجلا من المنافقين، وقفوا على ثنية (4) الوداع ليلة العقبة ليفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(وقلبوا لك الأمور) أي صرفوها وأجالوا الرأي في إبطال ما جئت به (حتى جاء الحق وظهر أمر الله) أي دينه " وهم كارهون "