لمن باشر الحرب وخرج إليه، وكفى ببيان الله عز وجل المقاتلين وأهل المعاش من المسلمين حيث جعلهم فرقتين متميزتين، لكل واحدة حالها في حكمها، فقال: " علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله " (1) [المزمل: 20] إلا أن هؤلاء إذا قاتلوا لا يضرهم كونهم على معاشهم، لان سبب الاستحقاق قد وجد منهم.
وقال أشهب: لا يستحق أحد منهم وإن قاتل، وبه قال ابن القصار في الأجير: لا يسهم له وإن قاتل. وهذا يرده حديث سلمة بن الأكوع قال: كنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه (2) وأخدمه وآكل من طعامه، الحديث. وفيه: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين، سهم الفارس وسهم الراجل، فجمعهما لي. خرجه مسلم. واحتج ابن القصار ومن قال بقوله بحديث عبد الرحمن بن عوف، ذكره عبد الرزاق، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن: (هذه الثلاثة الدنانير حظه (3) ونصيبه من غزوته في أمر دنياه وآخرته).
التاسعة عشرة - فأما العبيد والنساء فمذهب الكتاب أنه لا يسهم لهم ولا يرضخ (4). وقيل:
يرضخ لهم، وبه قال جمهور العلماء. وقال الأوزاعي: إن قاتلت المرأة أسهم لها. وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء يوم خيبر. قال: وأخذ المسلمون بذلك عندنا.
وإلى هذا القول مال ابن حبيب من أصحابنا. خرج مسلم عن ابن عباس أنه كان في كتابه إلى نجدة (5): تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين (6) من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن. وأما الصبيان فإن كان مطيقا للقتال ففيه عندنا ثلاثة أقوال: الاسهام ونفيه حتى يبلغ، لحديث ابن عمر، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. والتفرقة بين أن يقاتل فيسهم له أو يقاتل فلا يسهم له. والصحيح